Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya - Safar al-Ḥawālī
شرح العقيدة الطحاوية - سفر الحوالي
Genres
قضية المشترك المطلق الكلي قد سبق أن قلنا: إنه لما وجد أناس ينكرون الحقائق رد عليهم آخرون، وأثبتوا الحقائق بإثبات المطلقات الكلية، ثم إثبات المعينات في الخارج.
فمثلًا: الوجود المطلق، علمه كلي، والوجود أمر مطلق في الذهن لم يعين ولم يخصص، ويتحول هذا المطلق إلى الحقيقة إذا عين بآحاده، فنقول: الله ﷾ موجود، فكل ذلك يشمله لفظ الوجود، وهو يطلق على جميع معناه دون استثناء، وكذلك كلي -أي: أن جميع آحاده تدخل فيه كل الموجودات.
وكلمة الوجود: هو الذي جعل المعطلة ينفون صفات الله ﷾ بزعم التشبيه، قالوا: لأن هذه كلها تشترك في حقيقة واحدة وهي الوجود.
فمثلًا: الله عليم والمخلوق عليم، إذًا يشتركان في العلم لكن الاشتراك المطلق الكلي ما لم يعين أو يخصص لا يستلزم التشبيه أبدًا حتى يتعين؛ لأن هذه قضية معينة لا وجود لها في الأعيان "الذوات الخارجية"، وإنما توجد في ذهن الإنسان، فقولك -مثلًا- "الوجود ". لا يتصور به شيئًا معينًا أبدًا، فإذا عينت وقلت: هذا موجود، أو زيد موجود، أو الله موجود، تعين هذا الموجود.
فمجرد الاشتراك في هذا الشيء المطلق الذهني الذي لا وجود له خارج الذهن لا يستلزم التشبيه بحال من الأحوال بدليل أننا عندما نقسم الوجود نقول: ينقسم إلى قسمين: خالق ومخلوق؛ لأن مجرد الوجود هو عام لا يدل على شي معين بإطلاق، فالفرق بين الموجود الكلي والمشترك اللفظي هو: اسم يطلق على شيئين مختلفين في الحقيقة لكن اللفظ واحد، مثل المشتري والعين، فلفظة العين -مثلًا- تطلق على العين التي هي الباصرة، وتطلق على الماء الذي يجري، وتطلق على الذهب. وكذلك المشتري، يطلق على المبتاع الذي يشتري شيئًا، ويقال للكوكب مشتري، ولكن ليس المشتري كالمشتري، وليست العين كالعين.
1 / 131