أضف إلى ذلك كله أن هذا تشويه للحقائق وكذب على التاريخ، وأن الأمم التي تريد أن تحيا نبيلة عظيمة صحيحة يجب أن تكون أرفع من تنحدر إلى ذلك.
وقد تكون المصيبة هينة لو أن صاحب هذا القول رجل من عُرض الناس، ولكنه رجل كاهن قانوني مثقف يمثل أحسن طبقات قومه. ثم إن البابا نفسه قد استحسن كتابه: قد استحسن اتجاهه واستحسن تفاصيل ما فيه من حوادث وأحكام واستحسن أسلوبه.
وَاجِبُ الحُكُومَاتِ الوَطَنِيَّةِ:
وبعد، فإن من أولويات الحكومات الوطنية أن تزيل أسباب التنافر والشقاق بإزالة هذا النوع من الكتب من بين أيدي طلاب اليوم ورجال الغد كي توجد في كل قطر وفي كل زمن وطنًا موحدًا سليمًا من الأحقاد والمخاطر؟
وهذا كتاب آخر يُدَرَّسُ مثلًا في الصف الرابع من المدرسة البطريركية في بيروت، وَيُدَرَّسُ بلا ريب في مدارس أخرى كثيرة في لبنان، وفي غير لبنان (وهو مطبوع في لبنان) والاسم الكامل لهذا الكتاب هو هذا:
" تاريخ محاضرات (ج. إيزاك). حررها (أ. ألبا) للشرق الأدنى "، لطلبة الصف الخامس (العصور الوسطى)، طبعته مطابع الآداب الفرنسية في بيروت (١).
جاء في هذا الكتاب:
ص ٣١ - «وَاتَّفَقَ لِمُحَمَّدٍ فِي أَثْنَاءِ رِحْلَتِهِ أَنْ يَعْرِفَ شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ عَقَائِدِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الأَرْبَعِينَ أَخَذَتْ تَتَرَاءَى لَهُ رُؤَى أَقْنَعَتْهُ بِأَنَّ اللهَ اخْتَارَهُ رَسُولًا».
ص ٣٢ - «وَالقُرْآنُ مَجْمُوعُ مَلاَحَظَاتٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ يُدَوِّنُونَهَا بَيْنَمَا كَانَ هُوَ يَتَكَلَّمُ، وَقَدْ أَمَرَ مُحَمَّدٌ أَتْبَاعَهُ أَنْ يَحْمِلُوا العَالَمَ كُلَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ بِالسَّيْفِ إِذَا اقْتَضَتْ الضَّرُورَةُ».
ص ٣٦ - «وَبَيْنَمَا كَانَ مُحَمَّدٌ يَعِظُ كَانَ المُؤْمِنُونَ بِهِ يُدَوِّنُونَ كَلِمَاتِهِ عَلَى عَجَلٍ».
ص ١٢٦ - «وَدَخَلَتْ فَلَسْطِينُ فِي سُلْطَانِ الكَفَرَةِ مُنْذُ القَرْنِ السَّابِعِ لِلْمِيلاَدِ».