وقوله في المطلقات الحوامل: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] في قوة جزئية سالبة هي قولك: (بعض المطلقات لا يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)، بل ينتظرن وضع حملِهنّ، فهذه الجزئية السالبة لم تناقض تلك الكلية الموجبة، بل هي مخصصة لعمومها.
وكذلك قوله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ الآية [الأحزاب: ٤٩]. فهو أيضًا في قوة جزئية سالبة هي قولك: (بعض المطلقات لا يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)؛ لأنهن لا عدة عليهن أصلًا، وهن المطلقات قبل الدخول.
وكل المخصِّصات المنفصلة المعروفة في فن الأصول أمثلة لما ذكرنا، كقوله -تعالى-: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] فإنه كلية موجبة؛ لأن لفظة (ما) في الآية صيغة عموم. فهو في قوة: وأحل لكم كل امرأة سوى ما ذكر من المحرمات في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ الآية [النساء / ٢٣ - ٢٤].
وتحريم النبي ﷺ لنكاح المرأة على عمتها أو خالتها في قوة جزئية سالبة هي قولك: (بعض ما وراء ذلك ليس بحلال لكم) كجمع المرأة وعمتَها وخالتَها، فهو تخصيص لا تناقض، وهكذا فافهمه فإنه مهم.
واعلم أن التناقض باعتبار الجهة لم نذكره لأنا لم نتعرض للجهة