284

Mawsūʿat al-iʿjāz al-ʿilmī fī al-Qurʾān wa-l-Sunna

موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

Publisher

دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني

Edition

الثانية ١٤٢٦ هـ

Publication Year

٢٠٠٥ م.

Publisher Location

جادة ابن سينا.

Genres

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى".
يبدو من خلالِ هذا الحديثِ الشريفِ أنّ الذكرَ له شأنٌ كبيرٌ في حياةِ المؤمنِ، كيف لا وقد وَرَد الذكرُ في القرآنِ الكريمِ في أكثرَ من ثلاثمئة آيةٍ، تؤكِّدُ في مجموعها أنّ الذكرَ ينبغي أن يدورَ مع الإنسانِ، في كلّ شؤونِه، وأحوالِه، وأطوارِه، لأنّه عبادةُ القلبِ، والفكرِ، واللسانِ، فمِنَ الذكرِ أنْ تذكرَ اللهَ في آياتِه الكونيةِ، وفي آياتِه القرآنيةِ، وفي آياتِه التكوينيةِ، وأنْ تذكرَه من خلالِ نعمِه الظاهرةِ والباطنةِ، وأنْ تذكرَه في أمرِه ونهيِه، وأن تذكرَه لعبادهِ معرِّفًا به، وأنْ تذكرَه في قلبِك، وعلى لسانِك، مُسبِّحًا، وحامدًا، وموحِّدًا، ومُكبِّرًا، وأنْ تذكرَ ربوبيتَه لك، فتدعوَه وحدَه في أحوالك كلّها، وأطوارِك جميعِها، وأنْ تذكرَه ذكرًا كثيرًا؛ ليطمئنّ قلبُك، ولينجليَ همُّك، ولينشرحَ صدرُك، وليتَّسعَ رزقُك، ولتنتصرَ على عدوّك.
فمِن الذكرِ التفكُّرُ في آياتِ اللهِ في الآفاقِ، وفي الأنفسِ، وهذا التفكُّرُ منْ أجلِ أنْ نعرفَ الله جلَّ وعلاَ، وأنْ نُقَدِّره حقَّ قدْرِه، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف اليل والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب * الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وعلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات والأرض رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: ١٩٠-١٩١] .
فمِن هذه الآياتِ التي بثَّها اللهُ في الآفاقِ التجاذبُ الحركيُّ فيما بين الكواكبِ والنجومِ، قال تعالى:
﴿الله الذي رَفَعَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد: ٢] .

2 / 34