184

Encyclopedia of Narrative Tafsir

موسوعة التفسير المأثور

Publisher

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي-دار ابن حزم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٩ - ٢٠١٧

Publisher Location

بيروت

Genres

مسألة: توجيه ما ورد عن ابن تيمية بأن النبي ﷺ فسَّر جميع القرآن: أورد ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير ما ظاهره أن الرسول ﷺ فسَّر للناس جميع القرآن، حيث قال: "يجب أن يُعلم أن النبي ﷺ بَيَّنَ لأصحابه معاني القرآن كما بيَّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] يتناول هذا وهذا" (^١). وهذا يشكل مع ما سبق من أنه لم يوجد من التفسير النبوي إلا قليل! وقد حاول كثير من المعاصرين توجيه ذلك وبيانه (^٢). ويمكن توجيه كلامه رحمه اللَّه تعالى بما يلي: ١ - أنه أراد ما فسَّره النبي ﷺ بأقواله، سواء نصَّ على الآية -وهو التفسير الصريح- أو لم ينص عليها، وما بيَّن معناه بأفعاله في عباداته ومعاملاته وسلوكه وأخلاقه، ومنه قول عائشة: "كان خلقه القرآن"، أو ما فسره بتقريره، وهو ما سوى ذلك مما أقرَّ عليه الصحابة في فهمهم للقرآن بمقتضى لغتهم. وعلى ذلك يُعلم أن الرسول ﷺ لم يُتوفَّ إلا وجميع القرآن مفهوم واضح لعموم الصحابة ﵃، ولا يصح أن يقال أن هناك آيات خفي معناها على الصحابة (^٣). ٢ - أن ما أشار ابن تيمية إليه هنا هو مما يذكره كثيرًا في معرض الرد على المبتدعة الذين وظّفوا القول بأن الرسول ﷺ لم يفسر جميع القرآن ليزعموا أن الصحابة والسلف غاب عنهم معاني آيات لم يفسرها النبي ﷺ، ومنها آيات أسماء اللَّه وصفاته، ومن ثَمَّ ينتقلون إلى نتيجة أن الخلف ظهر لهم تفسير ما خفي على الصحابة، فكان شيخ الإسلام يحتج عليهم ببطلان المقدمة التي بنوا عليها دعواهم، وأن الصحابة فهموا عن الرسول ﷺ جميع القرآن (^٤)، قال ﵀ في كتابه "بغية

(^١) مقدمة في أصول التفسير، ص ٩. وقد صرح بنحو ذلك في مواضع أخرى من مصنفاته، ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٣/ ٣٠٨، ٥/ ١٥٩ - ١٦٣، الجواب الصحيح ٣/ ٣٩، بغية المرتاد ص ٣٣٠. (^٢) يأتي على رأسهم د. محمد حسين الذهبي ﵀ في كتابه التفسير والمفسرون ١/ ٣٩ - ٤٤، الذي جعل في المسألة خلافًا على قولين، واستدل لكل منهما، ثم ناقشها ورجح ما رآه راجحًا، وتبعه كثير ممن ذكر المسألة من المعاصرين، وكما أورد المسألة كثير ممن شرح مقدمة شيخ الإسلام، ولم أقف على من رجح القول بأن النبي ﷺ فسر القرآن للصحابة آية آية ولفظًا لفظًا. (^٣) ينظر: التعليقات البهية على مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، لأبي عمر القلموني ص ١١، منشور في شبكة المعلومات الرقمية العالمية (الإنترنت). (^٤) ينظر: شرح مقدمة في أصول التفسير، للدكتور مساعد الطيار، ص ٤٤ - ٤٦.

1 / 194