Duties and Rights of Workers in Islamic Law Compared with Palestinian Labor Law
واجبات العمال وحقوقهم في الشريعة الإسلامية مقارنة مع قانون العمل الفلسطيني
Publisher
جامعة القدس
Genres
وكلكم مسئول عن رعيته" (١)
وموضع الاستدلال من هذا الحديث أن الرجل مأمور بإحسان تربية الأولاد، وهذا داخل تحت المسؤولية المسئول عنها، وبالتالي فإن العامل أيضًا مسؤول عن عمله، ولا بُدَّ من إتقانه حتى لا يُحاسب عليه، قياسًا على المسؤوليات الواردة في الحديث الشريف، ويؤيد ذلك قول الرسول ﷺ:" إن الله ﷿ كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا الِقتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبح، وليحدّ أحدكم إذا ذبح شفرته، فليُرح ذبيحته" (٢) والشاهد من هذا الحديث طلب الإحسان والإتقان في كل عمل يُناط بالإنسان، حتى وإن كان في القتل أو الذبح، وهو في غيرهما من الأعمال أولى وألزم.
ولقد اعتبر الإسلام القيام بالعمل على أحسن وجه عبادة تضاعف الأجر، حيث قال رسول الله ﷺ:" إن العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة الله، فله أجره مرتين" (٣) وهذا الحديث وإن كان لفظه خاصًا بالعبيد، إلا أنه ينطبق على كل من وليَّ أمرًا من أمور المسلمين- والعمّال منهم- لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقد صرّح الرسول ﷺ بأجر العامل والموظف على إتقانه للعمل فقال:"الخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به عن طيبة نفس أحد المتصدقين" (٤)، ومن الإتقان أن يكون الشخص متخصصًا في عمله، وذلك حتى يغني المسلمين عن طلب خدمات غيره من غير المسلمين، كما ينبغي على العامل أن يحرص على الإلمام بالجوانب الشرعية المتعلقة بعمله، وهو ما جسّده عمر بن الخطاب ﵃ حينما قال:" لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أم أبى" (٥)
وارتأيت أن أبدأ بهذا الواجب؛ لأن العامل بإتقانه للعمل يساعد على زيادة الإنتاج، ورواج السلعة في الأسواق، وإذا ما راجت السلعة وزادت مبيعاتها؛ يعود ذلك بالنفع والخير على العامل وربّ العمل معًا، لأن العلاقة التكاملية في المجتمع أن يجد العامل عملًا، وربّ العمل يبيع سلعته، ويزيد بالتالي
_________
(١) رواه البخاري في صحيحه واللفظ له، ج٦، ص١٤٦، كتاب النكاح، باب قوا أنفسكم وأهليكم نارًا. ورواه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، ص ٧٩٥، برقم (١٨٢٩) ..
(٢) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الصيد، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل، ص٨٤٣،برقم ١٩٥٥.
(٣) رواه البخاري في صحيحه، كتاب العتق، باب إذا أحسن عبادة ربه ونصح لسيده، ج٣، ص ١٤٣. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده، ص٧٠٩، برقم (١٦٦٤).
(٤) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الإجارة، باب استئجار الرجل الصالح، ص٥٣٣، برقم (٢٢٦٠)
(٥) رواه الترمذي في سننه، كتاب الوتر، باب ما جاء في فض الصلاة على النبي، ص ١٢٩، برقم (٤٨٧)، وحكم عليه الشيخ الألباني بأنه حديث حسن.
1 / 42