Dustur Culama
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
Publisher
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
Edition Number
الأولى، 1421هـ - 2000م
Genres
التحقيق الحقيق مدار حل أكثر الاعتراضات فافهم واحفظ. فإن قيل إن الوجود والعدم نقيضان مع أن شيئا منهما لا يصدق على زيد مثلا إذ لا يصح أن يقال زيد وجودا وعدم فيلزم ارتفاع النقيضين عن زيد، قلنا معنى ارتفاع النقيضين عدم اتصاف شيء بشيء من النقيضين لا عدم حملهما على شيء بالمواطأة. فإن قيل إن بعض الموجودات آني فتأثير العلة في عدم هذه الموجودات الآنية أيضا آني بناء على كلام الشيخ فإن كان آن تأثير العلة في عدمها هو آن وجودها يلزم اجتماع النقيضين وإن كان غيره فلا بد أن يكون بين الآنين زمان إذ تتالي الآنات باطل عند الحكماء فالشيء الآني الوجود في هذا الزمان الذي يتحقق بين آن وجوده وبين آن عدمه العلة له لا يكون موجودا ولا معدوما فيلزم ارتفاع النقيضين. قلنا إنا نختار كون آن تأثير العلة في عدم الشيء الآني هو عين آن وجوده ولكن اتصافه بالمعدومية في زمان بعد هذا الآن ولا يلزم اجتماع النقيضين ولا تخلف المعلول عن العلة إذ معنى تخلف المعلول عن العلة هو أن يكون العلة في زمان والمعلول في زمان آخر وما يلزمه ليس كذلك، فإن قيل إن الممكن الخاص واللاممكن الخاص متناقضان وكل منهما أخص من الممكن العام ولا يصدق شيء من الممكن واللاممكن الخاصين على كل الأعم فيلزم ارتفاعهما عن بعض الممكن العام قلنا بصدق الأخص على الأعم تنعقد قضية جزئية فيجوز أن يصدق الممكن الخاص واللاممكن الخاص على جميع أفراد الممكن العام توزيعا ثم اعلم أن كون الممكن الخاص أخص من الممكن العام فظاهر وأما كون اللاممكن الخاص أخص منه فلأن الممكن العام يصدق على الممكن الخاص وعلى اللاممكن الخاص فللممكن العالم فردان ولا خفاء في أن اللاممكن الخاص لا يصدق على أحد فرديه وهو الممكن الخاص فتأمل.
الإرادة: صفة توجب للحي حالة لأجلها يقع منه الفعل على وجه دون وجه. وبعبارة أخرى هي صفة في الحي تخصص بعض الأضداد بالوقوع دون البعض وفي بعض الأوقات دون البعض مع استواء نسبة قدرة ذلك الحي إلى الكل. وقال العلامة التفتازاني رحمه الله هما أي الإرادة والمشيئة عبارتان عن صفة في الحي توجب تخصيص أحد المقدورين في أحد الأوقات بالوقوع مع استواء نسبة القدرة إلى الكل وكون تعلق العلم تابعا للوقوع. قوله (وكون تعلق العلم) معطوف على قوله تخصيص أحد المقدورين وغرضه رحمه الله من هذا البيان ثلاثة أمور أحدها الرد على الكرامية القائلين بأن المشيئة قديمة والإرادة حادثة قائمة بذات الله تعالى وثانيها الرد على النجار وكثير من معتزلة بغداد حيث زعموا أن معنى إرادة الله تعالى فعله أنه ليس بمكره ولا ساه ولا مغلوب أي لا مجنون ومعنى إرادته فعل غيره أنه آمر به يعني أن ما لا يكون مأمورا به لا يكون مرادفا فالإرادة عندهم عين الأمر وثالثها إثبات المغايرة بين الإرادة والعلم ردا على الكعبي القائل بأن إرادته تعالى لفعله العلم به وعلى المحققين من
Page 53