Dustur Culama
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
Publisher
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
Edition Number
الأولى، 1421هـ - 2000م
Genres
فصاعدا. وأما صيرورة شيء عين شيء آخر بأن يكون هناك زيد وعمرو مثلا فيتحدان بأن يصير زيد بعينه عمر أو بالعكس فممتنع لأنهما بعد الاتحاد إن كانا موجودين كانا اثنين لا واحدا وإن كان أحدهما فقط موجودا كان هذا فناء لأحدهما وبقاء لآخر وإن لم يكن شيء منهما موجودا كان هذا فناء لهما وحدوث ثالث والكل بخلاف المفروض. فإن قلت لا نسلم امتناع الاتحاد بين الشيئين بسند أنهم قائلون بالجعل المؤلف المقتضي اتحاد المفعولين. قلت الجعل المؤلف هو جعل الشيء شيئا وتصييره إياه وأثره المترتب عليه هو مفاد الهيئة التركيبية الحملية فمقتضاه الاتحاد الحملي لا الاتحاد العيني بالاسم والرسم فلا بد أن يكون المفعول الثاني مما يصح حمله على الأول والاتحاد الحملي ليس معناه صيرورة المحمول عين الموضوع وذاته فإن الحمل عبارة عن اتحاد المتغائرين ذهنا في الوجود خارجا في نفس وليس معناه أن الوجود قائم بهما بل معناه أن الوجود لأحدهما بالأصالة وللآخر بالتبع ما يكون منتزعا عنه. فلا يرد أن الوجود عرض وقيام العرض بمحلين مختلفين ممتنع فكيف يتصور اتحاد المتغائرين في الوجود. ثم اعلم أن المفعول الثاني إن لم يكن مما يصح حمله على الأول مواطأة فليس هناك الجعل المؤلف لأن مفاده حينئذ صيرورة شيء عين شيء آخر ولذا قالوا إن الضياء والنور في قوله تعالى {جعل الشمس ضياء والقمر نورا} بمعنى المضيء والمنور. فإن قلت صيرورة شيء عين شيء آخر جائز بل واقع فإن الماء يصير هواء وبالعكس فامتناع الاتحاد المذكور ممنوع. قلت صيرورة الماء هواء وبالعكس مجازي لا حقيقي والمحال هو الاتحاد الحقيقي فإن الاتحاد يطلق مجازا على صيرورة شيء شيئا بطريق الاستحالة أي التغير والانتقال دفعيا كان أو تدريجيا كما يقال صار الماء هواء والأسود أبيض. وعلى صيرورة شيء شيئا آخر بطريق التركيب حتى يحصل شيء ثالث كما يقال صار التراب طينا والخشب سريرا. والاتحاد بهذين المعنيين جائز بل واقع وهذا نبذ مما حررناه في الحواشي على حواشي الزاهد على الحواشي الجلالية على تهذيب المنطق.
الاتصال: مشهور وعند الصوفية الاتحاد هو شهود الحق الواحد المطلق الذي كل به موجود فيتحد به الكل من حيث كون الكل موجودا به معدوما بنفسه لا من
Page 29