Durub Ma Bacd Hadatha

Badr Din Mustafa d. 1450 AH
72

Durub Ma Bacd Hadatha

دروب ما بعد الحداثة

Genres

في الفن، كان إيذانا بتحول كبير على مستوى مفهوم الفن، وعلى طبيعة الإنتاج الفني.

انتقدت حركة الطليعة استقلال الفن وانكفاءه على ذاته، وانفصاله عن النشاطات الإنسانية، والمؤسسة الاجتماعية. كان الهدف الرئيس لهجوم الطليعة على الحركات الفنية المنتشرة آنذاك، ارتباط هذه الحركات بالطبقة البورجوازية «الفن باعتباره ملجأ آمنا وأنيقا للطبقة البورجوازية التي تتميز بالذوق الرفيع.» وفي المقابل دعت الطليعة إلى إلصاق الفن بالواقع، وإزالة الحدود بين ما هو «نخبوي» وما هو «شعبي»، واستخدام الفن لتوعية الجماهير وتثقيفهم، وكل هذا لن يتأتى إلا إذا جعل الفنان من موضوعات الحياة العادية موضوعات لفنه.

19

وتتوازى هذه الدعوة التي أطلقتها الطليعة مع دخول متغير جديد في المعادلة الفنية: «إنه تلك اللعنة القديمة؛ المال.»

20

هذا المتغير كان موجودا من قبل، بصورة أو بأخرى، لكنه كان يتوارى أمام رغبة الفنان الصادقة في إنتاج عمل فني حقيقي ومميز. أما في القرن العشرين - ومع دعوة الطليعة لإزالة الحواجز بين ما هو «شعبي» وما هو «نخبوي» - فقد دخلت بعض المؤسسات الرأسمالية ميدان المنافسة لتسويق الأعمال الفنية المختلفة. والنتيجة الانتقال التدريجي للفن من عالمه إلى عالم السلعة «ما يحدد الفن الصناعي ليس الإنتاج الآلي، وإنما العلاقة التي غدت داخلية مع المال.»

21

وبداية ظهور مصطلحات من قبيل «تسليع الفن» و«تسليع الثقافة». والمشكلة التي تنشأ هنا هي أن الذوق ليس بمقولة سكونية، إنه دائم التغير. فقوى السوق المهيمنة تبني الأذواق في الفن كما في سائر المنتجات الأخرى، والهدف النهائي هو كيف تستفيد هذه القوى من ذلك كله.

مع دخول التكنولوجيا - التي اعتبرها توينبي قد أخذت مكانة ووظيفة الدين في القرن العشرين - اكتمل الثالوث (إزالة الحدود بين الشعبي والنخبوي - دخول رأس المال في ميدان الفن - التطور التكنولوجي) الذي سيوجه ضربة قاضية للفن الحداثي. وقد ظهرت بوادر هذه الأزمة مع ظهور تيارات فنية جديدة عضدت من هذا الوضع:

فقد ظهرت النزعة المستقبلية

Unknown page