Heidegger (1976-1989م) مشروعه الفلسفي على «تقويض الميتافيزيقا»، وأعلن فوكو «موت الإنسان»، كما أعلن رورتي
Rorty (1931-2007م) «نهاية الفلسفة النسقية»، وكتب فوكوياما
Fukuyama (1956-...م) بعد ذلك نهاية التاريخ
The End of History
وفي نفس السياق حاول فاتيمو
Vattimo (1936-...م) حصر توجهات النصف الثاني من القرن العشرين الفكرية في خمسة مبادئ رئيسة: نهاية الفن وأفوله - موت النزعة الإنسانية - العدمية - نهاية التاريخ - تجاوز الميتافيزيقا.
5
وهي كلها تنويع على فكرة النهايات. لا يوجد علم أو فلسفة أو فن بل إعلان النهاية لكل شيء، دق أجراس الموت، كما يشير عنوان أحد مؤلفات دريدا.
هذا هو السياق العام إذا الذي وضع فيه بارت أطروحته عن موت المؤلف، وبالتالي فقد جاءت تلك الأطروحة ملائمة تماما للحظة الثقافية التي تم صياغتها فيها. وهي كما سنرى كان لها أصولها الفلسفية الواضحة: (1-2) من موت الإله إلى موت المؤلف
افتتح القرن العشرون بوفاة نيتشه في العام 1900م بعد أن صاغ أطروحته الشهيرة «موت الإله» وقدمها في كتابه «العلم المرح». والواقع أن تلك الأطروحة لم تؤثر فقط على المجال الميتافيزيقي، بل كان لها تأثير مماثل على مفهوم المركزية ومنطق الهوية اللذين سادا الفكر الغربي ردحا طويلا من الزمن. فمفهوم المركز يعني أن ثمة أصلا أو نموذجا رئيسا تدور حوله المعارف والنشاطات الإنسانية المختلفة. وهذا المركز أو النواة يختلف باختلاف العصور والأزمنة. وقد ظل تصور الإله أو الكائن المفارق مسيطرا على الذهن البشري ومركزا تدور أفكاره حوله. حتى الفلسفات الحديثة التي اتخذت موقفا مناهضا أو ناقدا لهذا التصور، ظل معظمها يدور حوله بطريقة لا واعية؛ إذ إنها كانت تقدم ذاتها كبديل لهذا التصور من خلال نقده، ما يجعله حاضرا باستمرار كنموذج يتم معارضته بنموذج آخر، إنها تلك الثنائية التي يعد أحدها شرطا لوجود الآخر.
Unknown page