وفي هذه الفترة التي عاش فيها أبو عبد الله الخطيب شهد الجزء الشرقي من الأمة الإسلامية أشد حالات الانقسام والفوضى السياسية، بسبب كثرة الدويلات، والنزاع بين الأمراء والسلاطين، وعلى سبيل المثال فقد استبد البويهيون (٢) (٣٣٤-٤٤٧هـ) أمور الدولة وشاركوا الخلفاء العباسيين حتى في بعض مظاهر الخلافة وشاراتها، فكان الأمير البويهي هو الذي يصدر الأوامر وعلى الخليفة توقيعها لتكتسب الشرعية أمام الرأي العام، ولولا عمق جذور الخلافة العباسية، وولاء الناس لها لأسباب تتصل بالعقيدة الدينية، لما أبقى البويهيون على وجودها حتى بالصورة الرمزية التي كانت عليها (٣) .
ومن خلال هذا العرض السريع للأوضاع السياسية التي عاصرها المؤلف في عهد الخلافة العباسية وسيطرة البويهيين نستنتج أنه عاش عصر اضطرابات ودويلات متناحرة في ظل خلافة ضعيفة لا تقدر على القيام بحماية نفسها.
ولكن المؤلف لم يعكس لنا من خلال مؤلفاته شيئا من الواقع السياسي الذي عاصره، فقد كان منكبا على العالم مشتغلا به تعلما وتعليما وتصنيفا.
1 / 23