حِكَايَة: يحْكى أَن أنو شرْوَان كَانَ قد ولي عَاملا، فأنفذ إِلَيْهِ الْعَامِل زِيَادَة عَن الْخراج بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم، فَأمر أنو شرْوَان بِإِعَادَة الزِّيَادَة إِلَى أَصْحَابهَا، وَأمر بصلب الْعَامِل، وَقَالَ: كل سُلْطَان أَخذ من الرّعية شَيْئا بالجور وَالْغَصْب وخزنه فِي خَزَائِن الْملك، كَانَ مثله كَمثل رجل عمل أساس حَائِط، فَلم يصبر عَلَيْهِ حَتَّى يجِف، ثمَّ وضع البنيات عَلَيْهِ، وَهُوَ رطب، فَلم يبْق الأساس وَلَا الْحَائِط.
وَيَنْبَغِي للسُّلْطَان أَن يهتم بِأُمُور الدّين، كَمَا يهتم بِأُمُور بَيته ليتنعم فِي الدُّنْيَا.
وَيَنْبَغِي للسُّلْطَان أَن يَأْخُذ مَا يَأْخُذ من الرّعية بِقدر، ويهب مَا يهب بِقدر، لِأَن لكل وَاحِد من هذَيْن الْأَمريْنِ حدا.
حِكَايَة: " سَأَلَ الْإِسْكَنْدَر يَوْمًا حكماءه - وَكَانَ قد عزم على سفر - فَقَالَ: أوضحُوا لي من الْحِكْمَة لعلم أشغالي، واتقان أعمالي.
فَقَالَ لَهُ كَبِير الْعلمَاء والحكماء: أَيهَا الْملك، لَا تدخل قَلْبك حب شَيْء وَلَا بغضه، فَإِن الْقلب خاصته كاسمه، وَإِنَّمَا سمي قلبا لتقلبه، وأعمل الْفِكر واتخذه وزيرا، وَاجعَل الْعقل صاحبا ومشيرا، واجتهد أَن تكون فِي الْملك متيقظا، وَلَا تشرع فِي عمل أَي شَيْء بِغَيْر مشورة، واجتنب الْميل والمحاباة، فِي وَقت الْعدْل والإنصاف، فَإِذا فعلت ذَلِك جرت الْأَشْيَاء على إيثارك، وتصرفت باختيارك ".
وَيَنْبَغِي أَن يكون الْملك وقورا حَلِيمًا، وَلَا يكون عجولا.
قَالَت الْحُكَمَاء: ثَلَاثَة أَشْيَاء قبيحة، وَهِي فِي ثَلَاثَة أقبح: الحدة فِي الْمُلُوك، والحرص فِي الْعلمَاء، وَالْبخل فِي الْأَغْنِيَاء.
كتب الْوَزير يونان إِلَى الْملك الْعَادِل أنو شرْوَان وَصَايَا ومواعظ، فَقَالَ: يَنْبَغِي يَا ملك الزَّمَان أَن يكون مَعَك أَرْبَعَة أَشْيَاء: الْعدْل، وَالْعقل، وَالصَّبْر، وَالْحيَاء. وَيَنْبَغِي أَن تَنْفِي عَنْك أَرْبَعَة أَشْيَاء: الْحَسَد، وَالْكبر، وضيق الْقلب، يُرِيد بِهِ الْبُخْل، والعداوة.
1 / 165