يُنَادي فِي النَّاس، وَكَانَ يرفع الْحجاب، ويرجو من الله الثَّوَاب، وَيَقُول: ليجئ كل من لَهُ ظلامة، وَيقف على جَانب الْبسَاط ويخاطبه، وَيعود وَيَقْضِي الْحَاجَات، وَكَانَ يقْضِي بَين الْخُصُوم مثل الْحُكَّام، إِلَى أَن تَنْقَضِي الدَّعَاوَى ثمَّ يعود مَوْضِعه، وَيقبض على محاسنه، وَيُوجه وَجهه نَحْو السَّمَاء، وَيَقُول: إلهي هَذَا جهدي وطاقتي قد بذلته، وَأَنت عَالم الْأَسْرَار، وَتعلم نيتي، وَلَا أعلم على أَي عبد جرت، وَلَا على أَي عبد ظلمت، وَمَا أنصفت، فَاغْفِر لي يَا إلهي من ذَلِك مَا لَا أعلم.
فَلَمَّا كَانَ نقي النِّيَّة، جميل الطوية، لَا جرم علا أمره، وارتفع قدره، وَكَانَ عسكره ألف فَارس معدين بِالسِّلَاحِ، وببركة ذَلِك الْعدْل والإنصاف ظفره الله بِعَمْرو بن لَيْث، فَقَبضهُ وَفتح خُرَاسَان، ثمَّ إِن عَمْرو أنفذ إِلَيْهِ من السجْن وَقَالَ: لي ب " خُرَاسَان " أَمْوَال كَثِيرَة، وكنوز موفورة، وَأَنا أسلم إِلَيْك الْجَمِيع، وأطلقني من السجْن، فَلَمَّا سمع إِسْمَاعِيل ذَلِك ضحك، وَقَالَ: إِلَى الْآن لم يستقم معي ابْن لَيْث، ثمَّ يُرِيد أَن يَجْعَل الْمَظَالِم الَّتِي ارتكبها فِي عنقِي، ويتخلص من ثقل أَوزَارهَا فِي الْآخِرَة قُولُوا لَهُ: مَالِي فِي مَالك حَاجَة، وَأخرجه من السجْن، وأنفذه رَسُولا إِلَى بَغْدَاد، فنال من أَمِير الْمُؤمنِينَ، الْخلْع والتشريف، وَجلسَ إِسْمَاعِيل فِي مَمْلَكَته ب " خُرَاسَان " آمنا مطمئنا، فارغ البال حسن البال.
1 / 164