يَدَيْهِ، وَالْتمس الْإِقَالَة من ذَنبه، وَأَعْطَاهُ شَيْئا من مَاله، وَتَابَ من فعاله، فرضى عَنهُ خَصمه، فَفِي الْحَال سكن ألمه، وَبَات تِلْكَ اللَّيْلَة، على فرَاشه، وَقد تَابَ عَمَّا كَانَ يصنع، ونام على تَوْبَة خَالِصَة، فَفِي الْيَوْم الثَّانِي تَدَارُكه ربه برحمته، ورد يَده كَمَا كَانَت بقدرته، فَنزل الْوَحْي إِلَى مُوسَى ﵇: أَن يَا مُوسَى، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، وقدرتي لَوْلَا أَن الرجل أرْضى خَصمه لعذبته مهما امتدت بِهِ حَيَاته.
وَالسَّادِس مِنْهَا: لما أَمر الله تَعَالَى فِي الْآيَة الحكم بِالْعَدْلِ، يَنْبَغِي للْحَاكِم أَن يحكم لأجل الله - تَعَالَى - لَا لأجل خاطر الْخلق، وَلَا للرياء والسمعة، ليحصل لَهُ الثَّنَاء الْجَمِيل فِي الدُّنْيَا، وَالثَّوَاب الجزيل فِي العقبى، كَمَا قَالَ ﵇: " عدل فِي حكم سَاعَة خير من عبَادَة سبعين سنة وجور فِي حكم سَاعَة يحبط عبَادَة سبعين سنة ".
وَقَالَ النَّبِي ﵇: " كل مجْلِس لَا ذكر لَهُ كبستان لَا ثَمَرَة لَهُ، وكل شَاب لَا أدب لَهُ كفرس لَا لجام لَهُ، وكل امْرَأَة لَا حَيَاء لَهَا كطعام لَا ملح لَهُ، وكل عَالم لَا ورع لَهُ كسراج لَا دهن لَهُ، وكل صديق لَا وَفَاء لَهُ كقوس لَا وتر لَهُ، وكل غَنِي لَا سخاوة لَهُ كنهر لَا مَاء لَهُ، وكل أَمِير لَا عدل لَهُ كبيت مظلم لَا نور لَهُ ".
حِكَايَة: يحْكى عَن إِسْمَاعِيل الساماني فِي كتاب " سير الْمُلُوك "، أَنه قَالَ: كَانَ لجدي موليان، وَكَانَ فِي كل يَوْم يَأْمر الْمُنَادِي فِي وَقت الْعَصْر أَن
1 / 163