حِكَايَة: يرْوى أَنه كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل، رجل يصيد السّمك، ويقوت بصيده أطفاله وَزَوجته، فَكَانَ بعض الْأَيَّام يتصيد فَوَقَعت فِي شبكته سَمَكَة كَبِيرَة، ففرح، وَقَالَ: أمضي بِهَذِهِ السَّمَكَة إِلَى السُّوق، فأبيعها وَأخرج ثمنهَا فِي نفقات الْأَوْلَاد، فَلَقِيَهُ بعض العوانية، فَقَالَ لَهُ: أتبيع هَذِه السَّمَكَة؟ فَقَالَ الصياد فِي نَفسه: إِن قلت: لَا، فَإِنَّهُ يُؤْذِينِي، وَإِن قلت لَهُ: نعم اشْتَرَاهَا مني بِنصْف ثمنهَا، فَقَالَ: لَا أبيعها، فَغَضب العواني، فَضَربهُ بخشبة كَانَت مَعَه على صلبه، وَأخذ السَّمَكَة مِنْهُ غصبا بِلَا ثمن، فَدَعَا الصياد عَلَيْهِ، وَقَالَ: إلهي خلقتني مِسْكينا ضَعِيفا، وخلقته قَوِيا عنيفا، فَخذ لي بحقي مِنْهُ فِي هَذِه الدُّنْيَا، فَمَا أَصْبِر إِلَى الْآخِرَة، ثمَّ إِن ذَلِك الْغَاصِب انْطلق بالسمكة إِلَى منزله، وَسلمهَا إِلَى زَوجته وأمرها أَن تشويها، فَلَمَّا شوتها ووضعتها بَين يَدَيْهِ على الْمَائِدَة ليَأْكُل مِنْهَا، فتحت السَّمَكَة فاها ونكزت أُصْبُعه نكزة سلبت قراره، وأزالت بِشدَّة عضتها اصطباره، فقصد الطَّبِيب، وشكا إِلَيْهِ، وَذكر لَهُ مَا ناله، فَقَالَ الطَّبِيب: يَنْبَغِي أَن تقطع هَذِه الْأصْبع لِئَلَّا يسري الْأَلَم إِلَى جَمِيع الْيَد، فَقطع أُصْبُعه فسرى الْأَلَم إِلَى جَمِيع الْكَفّ، فَقَالَ الطَّبِيب: يَنْبَغِي أَن تقطع الْكَفّ لِئَلَّا يسري الْأَلَم إِلَى الزند، فَقطع كَفه، فَسَار الْأَلَم إِلَى زنده، فَقطع زنده، فَسَار الْأَلَم إِلَى الساعد، وَزَالَ قراره، فَقَالَ الطَّبِيب: يَنْبَغِي أَن يقطع ساعده لِئَلَّا يسري الْأَلَم إِلَى الْكَتف، فَقطع ساعده، فتوجع كتفه، فَخرج من مَكَانَهُ هَارِبا على وَجهه، دَاعيا إِلَى ربه ليكشف مَا قد نزل بِهِ، فَرَأى شَجَرَة، فاتكأ عَلَيْهَا، فَأَخذه النّوم، فَنَامَ، فَرَأى فِي مَنَامه قَائِلا يَقُول لَهُ: يَا مِسْكين، إِلَى كم تقطع يدك؟ امْضِ إِلَى الصياد، وَأَرْض خصمك فانتبه من نَومه، وتفكر وتذكر، وَقَالَ: أَنا أخذت السَّمَكَة غصبا، وأوجعت الصياد ضربا، وَهِي الَّتِي تَرَكتنِي هَكَذَا، فَنَهَضَ، وَقصد الْمَدِينَة، وَطلب الصياد، فَوَجَدَهُ، فَوَقع بَين
1 / 162