ولايتك، لم غفلت عَن ظلم الْعَجُوز بِتِلْكَ الْبَقَرَة، وَلم تمنع ظلم الْعَجُوز عَن الْبَقَرَة؟ . فَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن خطر الْولَايَة عَظِيم، وخطبها جسيم، وَالشَّرْح فِي ذَلِك طَوِيل، وَلَا يسلم الْوُلَاة مِنْهُ إِلَّا بمقارنة عُلَمَاء الدّين، ليعلموا الْوُلَاة طرق الْعدْل، وليسهلوا عَلَيْهِم خطر هَذَا الْأَمر، وَأَن يَجْعَل الْوَالِي كَلَام الله تَعَالَى نصب عَيْنَيْهِ، ويشتاق أبدا إِلَى رُؤْيَة عُلَمَاء الدّين، ويحرص على اسْتِمَاع نصحهمْ، ويحذر من رُؤْيَة عُلَمَاء السوء، الَّذين يحرصون على الدُّنْيَا، فَإِنَّهُم يثنون عَلَيْك، ويغرونك وَيطْلبُونَ رضاك طَمَعا فِيمَا فِي يدك من خَبِيث حطام، ووبيل حرَام، ليحصلوا مِنْهُ شَيْئا بالمكر والحيل، والعالم الصَّالح هُوَ الَّذِي لَا يطْمع فِيمَا عنْدك من المَال، ويبغضك فِي الْوَعْظ والمقال ".
حِكَايَة: قيل: دخل أَبُو حَازِم على سُلَيْمَان فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا لنا نكره الْمَوْت؟ فَقَالَ: لأنكم عمرتم دنياكم، وأخربتم آخرتكم، فَأنْتم تخافون أَن تَنقلُوا من الْعمرَان إِلَى الخراب.
قَالَ: فَأَخْبرنِي كَيفَ قدوم الْخلق على الله تَعَالَى؟ فَقَالَ: أما المحسن، فكالقادم على أَهله فَرحا مَسْرُورا، وَأما المسئ، فكالعبد الْآبِق يقدم على مَوْلَاهُ خَائفًا مذعورا. قَالَ: فَأَي الْأَعْمَال أفضل؟ قَالَ: أَدَاء الْفَرَائِض، وَاجْتنَاب الْمَحَارِم، قَالَ: فَأَي الدُّعَاء أفضل؟ قَالَ: دُعَاء الملهوف للمحسن إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَي الصَّدقَات أفضل؟ قَالَ: جهد الْمقل لَا من فِيهِ وَلَا أَذَى. قَالَ: فَأَي القَوْل أفضل؟ قَالَ: كلمة الْحق فِي مَوضِع يخَاف فِيهِ. فَقَالَ: فاي النَّاس أفضل وأعقل؟، قَالَ: من عمل بِطَاعَة الله وَدلّ عَلَيْهَا، قَالَ: فَأَي النَّاس أَجْهَل؟ قَالَ: من بَاعَ آخرته لدُنْيَا غَيره. قَالَ: فعظني
1 / 148