وَقَالَ ﵇: " من أهان سُلْطَان الله فِي الأَرْض، أهانه الله "
أَي: من أذلّ حَاكما، بِأَن آذاه وَعَصَاهُ، أهانه الله.
وَقَالَ ﵇: قَالَ الله - تَعَالَى - فِي بعض الْكتب: " أَنا الله ملك الْمُلُوك، وَمَالك الْملك، قُلُوب الْمُلُوك وَنَوَاصِيهمْ بيَدي، فَإِن الْعباد أطاعوني جعلتهم عَلَيْهِم رَحْمَة، وَإِن عصوني جعلتهم عَلَيْهِم عُقُوبَة، فَلَا تشتغلوا بسب الْمُلُوك، وَلَكِن تُوبُوا إِلَى أعطفهم عَلَيْكُم ". اعْلَم أَن الله - تَعَالَى - جلت عَظمته، وتوالت نعمه، وَتَتَابَعَتْ آلاؤه وسبقت رَحمته أثبت فِي الْآيَة السَّابِقَة عشرَة أَحْكَام، رَحْمَة للملوك والأمراء، وتنبيها على حفظ المملكة وَالْأَدَاء، وَكَمَال أدب السلطنة والمعدلة وَالْقَضَاء. الأول مِنْهَا: أَنه قَالَ: ﴿إِنَّا جعلناك خَليفَة﴾ (ص: ٢٦) يَعْنِي: نَحن أعطيناك الْخلَافَة. فَيَنْبَغِي للملوك أَن يعلمُوا أَن السلطنة من الله تَعَالَى، وَمن نعمه على الْمُلُوك لَا من غَيره، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء﴾ (آل عمرَان: ٢٦) . وَيَنْبَغِي للسُّلْطَان أَولا أَن يعرف قدر الْولَايَة، وَيعلم خطرها، فَإِن الْولَايَة نعْمَة من نعم الله تَعَالَى، من قَامَ بِحَقِّهَا نَالَ من السَّعَادَة مَا لَا نِهَايَة لَهُ، وَلَا سَعَادَة بعده، وَمن قصر عَن النهوض بِحَقِّهَا حصل فِي شقاوة لَا شقاوة بعْدهَا، إِلَّا الْكفْر بِاللَّه تَعَالَى، وَالدَّلِيل على عظم قدرهَا وجلالة خطرها، مَا روى عَن رَسُول الله [ﷺ] أَنه قَالَ: " عدل السُّلْطَان يَوْمًا وَاحِدًا أفضل من عبَادَة سبعين سنة.
1 / 144