انحصر قَول الْمُفَسّرين من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ أَن المُرَاد من " أولى الْأَمر " الْأُمَرَاء وَالْعُلَمَاء.
فَإِذا اتّصف الْأَمِير بِالْعلمِ يكون مرَادا بإجماعهم، فحقيق على من يقوم مقَام النُّبُوَّة أَن يُطِيع النَّاس لَهُ.
وَقيل: لَا بُد لِلْأُمَرَاءِ من ثَلَاثَة أَشْيَاء: الْعلم، والمعرفة، وَالْعقل.
فَمثل الْعلم كَالنُّجُومِ، فَإِنَّهَا كَثِيرَة لَا غَايَة لَهَا وَلَا نِهَايَة، وَمثل الْمعرفَة كَالشَّمْسِ، لِأَنَّهَا أبدا تكون مضيئة، ونورها لَا يَنْقَطِع، لَا يزِيد وَلَا ينقص.
وَأما الْعقل فَمثله كَمثل الْقَمَر تَارَة يزِيد، وَتارَة ينقص وينكسف.
وَيدل على شرف الْعلم أَن كل شَيْء أعطَاهُ الله تَعَالَى لنَبيه مُحَمَّد ﵇ لم يقل فِيهِ قل: " رب زِدْنِي " إِلَّا فِي الْعلم، فَقَالَ الله تَعَالَى لنَبيه ﵇: ﴿وَقل رب زِدْنِي علما﴾ . (النِّسَاء ٥٩)
فَمن أَرَادَ أَن يكمل سلطنته وإمارته، يَنْبَغِي لَهُ أَن يكون عَالما، أَو يكون حَرِيصًا بحب الْعلمَاء وحضورهم عِنْده، وَيقبل نصيحتهم.
وَأما أصل " الشجَاعَة ": يَكْفِي للْإِمَامَة بِحَيْثُ يكون بِحَال يُمكنهُ جر العساكر، وَإِقَامَة الْحُدُود، ومقاتلة الْعَدو، وَإِن لم يقدر أَن يُقَاتل مَعَ الْعَدو بِنَفسِهِ.
1 / 121