بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين
الْحَمد لله الَّذِي لَهُ الْقُوَّة وَالْقُدْرَة وَالْملك، بتقديره تجْرِي السفن والفلك، وبحكمته الْبَقَاء والهلك.
قل: اللَّهُمَّ مَالك الْملك لَك العظمة والكبرياء، والرفعة وَالثنَاء، وَالْمجد والبهاء، تؤتي الْملك من تشَاء، وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء، مِنْك السَّرَّاء وَالضَّرَّاء، وبتقديرك الآلاء والنعماء، لَك الْبَقَاء ولغيرك الفناء تعز من تشَاء، وتذل من تشَاء.
أَحْمَده، على جزيل النعم، وَأَعُوذ بِهِ من وبيل النقم، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه وخلفائه أَجْمَعِينَ، خُصُوصا على صَاحبه الْمصلى فِي محرابه، الْمُقدم على سَائِر أَصْحَابه، الْبر الشفيق، المكنى بعتيق (الإِمَام أَمِير الْمُؤمنِينَ)، أبي بكر الصّديق.
وعَلى الزَّاهِد الأواب، والفاروق التواب، زين الْأَصْحَاب، حَنَفِيّ الْمِحْرَاب، وَقَاتل المرتاب، أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب.
1 / 104
وعَلى الطَّاهِر من كل شين، الْمَخْصُوص بالابنتين، جَامع الْقُرْآن، مَعْدن الْجُود وَالْإِحْسَان، الإِمَام أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان.
وعَلى ذِي النّسَب الرفيع، والجناب المنيع، لَيْث بني غَالب، ومظهر الْعَجَائِب، وَفَارِس الْمَشَارِق والمغارب، الإِمَام أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب.
وعَلى الْإِمَامَيْنِ الهمامين، المظلومين المقتولين، السعيدين الشهيدين، وهما لنبينا بِمَنْزِلَة السّمع والعينين، الْحسن وَالْحُسَيْن.
1 / 105
وعَلى عميه الحمزة، وَالْعَبَّاس، وعَلى جَمِيع الصَّحَابَة الْكِرَام، من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا كثيرا.
أما بعد: فَيَقُول العَبْد المفتقر إِلَى الله الْغَنِيّ الْوَدُود، الْجَلِيل، مَحْمُود بن الشَّيْخ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الخيربيتي عَفا الله عَنْهُم، وَعَن كَافَّة الْمُسلمين أَجْمَعِينَ: لما كَانَ ملاقاة الْعلمَاء السلاطين، والأمراء والوزراء، والأجناد، من الْأُمُور المستحسنة شرعا، وَعند الملاقاة إيَّاهُم المحاورة مَعَهم، بِمَا يتَعَلَّق بهم، من مقتضيات الْأَحْوَال الَّتِي هِيَ من أَعلَى البلاغة والفصاحة، خُصُوصا حَضْرَة الجناب العالي، صَاحب الْقرَان الأعدل الْأَعْظَم الأعلم، مستخدم أَرْبَاب السَّيْف والقلم، كافل مصَالح أطوار الْأُمَم، افتخار صَنَادِيد الْعَرَب والعجم، عضد الْمُلُوك والسلاطين، ومغيث الملهوفين والمظلومين، ومربي الْعلمَاء وَالْمَسَاكِين، ذِي همة فلكية، وسيرة ملكية، الَّذِي جنابه كعبة الآمال، وعتبته مقبل الإقبال، وكل من محَاسِن شيمه أسنة الأقلام، وَقصر عَن شرح معاليه وأياديه أَلْسِنَة أَبنَاء اللَّيَالِي وَالْأَيَّام.
1 / 106
شعر: (الْكَامِل)
(أبكى وأضحك خَصمه ووليه ... بِالسَّيْفِ والقلم الضحوك الباكي)
(الدّرّ والدرى خافا جوده ... فتحصنا فِي الْبَحْر والأفلاك)
سُلْطَان الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين، الْملك الظَّاهِر مُحَمَّد أَبُو سعيد جقمق
أَعلَى الله - تَعَالَى - شَأْنه، وضاعف إحسانه، وأعز أنصاره وأعوانه، وَبلغ فِي الدَّاريْنِ إِرَادَته، كَمَا بلغه أبعد غايات الْعِزّ والإقبال، وَملكه أزمة أُمُور الأقاليم،
كَمَا ملكه أَعِنَّة الْفضل والأفضال، وأسبغ ظلاله على مفاريق الْخَواص والعوام، وَجعل أياديه ذخْرا للأنام، بِحَق سيدنَا مُحَمَّد ﵊، وَأَوْلَاده المعصومين الْعِظَام، وَأَصْحَابه الْمُتَّقِينَ الْكِرَام.
أردْت امْتِثَال أَمر من أمره طَاعَة، وَحقه لَا يُؤَدِّي على مَا يجب، وَلَكِن على قدر الِاسْتِطَاعَة، بِأَن أجمع لخزانته الشَّرِيفَة نُسْخَة مُشْتَمِلَة بضبط قَوَاعِد السلاطين، والقضاة، والأمراء، والوزراء والولاة، وَمِمَّا لَا بُد مِنْهُ للنَّاس من الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة من المشكلات، والواقعات، وسميتها: (الدرة الغراء فِي نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء) .
وأسأل الله تَعَالَى التَّوْفِيق فِي الْفَاتِحَة والخاتمة بمنه وجوده، إِنَّه على مَا يَشَاء قدير، وبالإجابة جدير، وجعلتها عشرَة أَبْوَاب شَامِلَة كَمَا قَالَ: ﴿تِلْكَ عشرَة كَامِلَة﴾ " الْبَقَرَة: ١٩٦ ".
1 / 107
راجيا من الله تَعَالَى فِي ذَلِك الثَّوَاب، بِقدر الوسع والإمكان، بِفضل الْملك المنان وَذَلِكَ فِي غرَّة ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة.
الْبَاب الأول: فِي الْإِمَامَة.
الْبَاب الثَّانِي: فِي شُرُوط الْإِمَامَة.
الْبَاب الثَّالِث: فِي حكم الإِمَام.
الْبَاب الرَّابِع: فِي قَوَاعِد الْإِمَامَة، وَأَحْوَالهَا
الْبَاب الْخَامِس: فِي الوزارة
الْبَاب السَّادِس: فِي قَوَاعِد الأجناد
الْبَاب السَّابِع: فِي الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة الْمُتَعَلّقَة بالأمراء والسلاطين.
الْبَاب الثَّامِن: فِي الْحِيَل الشَّرْعِيَّة
الْبَاب التَّاسِع: فِي تَنْبِيه الْمُجيب فِي الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة
الْبَاب الْعَاشِر: فِي الْمسَائِل المتفرقة
اللَّهُمَّ اهدنا من عنْدك، وأفض علينا من فضلك، وانشر علينا من رحمتك، وَأنزل علينا من بركاتك، وألهمنا الْقيام بحقك، وَبَارك لنا فِي الْحَلَال من رزقك، وعد علينا فِي كل حَال برفقك، وانفعني بِمَا أَقُول والحاضرين من خلقك، بِرَحْمَتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ، وَيَا خير الناصرين، آمين يَا رب الْعَالمين.
1 / 108
الْبَاب الأول
فِي الْإِمَامَة
اعْلَم أَن الإِمَام اسْم لمن اؤتم بِهِ، وَالْمرَاد مِنْهُ: الْخلَافَة، وَهِي: رياسة
1 / 109
عَامَّة فِي الدّين وَالدُّنْيَا، لَا عَن دَعْوَى النُّبُوَّة، فَيخرج النُّبُوَّة وَالْقَضَاء.
1 / 110
وَفِي كتاب " التَّجْرِيد ": " الإِمَام ": خلَافَة شخص للرسول فِي إِقَامَة قوانين شَرْعِيَّة، وَحفظ حوزة الْإِسْلَام، على وَجه يجب اتِّبَاعه على كَافَّة الْأمة، وَبِه اخْتَار جَامع " الْحَقَائِق ".
ثمَّ لَا بُد للنَّاس من نصب إِمَام يقوم بمصالحهم، من إنصاف الْمَظْلُوم من الظَّالِم، وتنفيذ الْأَحْكَام، وتزويج الْأَيْتَام، وَقطع الْمُنَازعَة بَين الْأَنَام، وَإِقَامَة الأعياد وَالْجمع وَالْحُدُود، وَأخذ العشور وَالزَّكَاة وَالصَّدقَات، وصرفها إِلَى
1 / 111
مصارفها بِمُوجب الشَّرْع، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطَّرِيق، وَقبُول الشَّهَادَات الْقَائِمَة على الْحُقُوق، وَإِقَامَة السياسة على الْعَوام، والحراسة لبيضة الْإِسْلَام، وتجهيز جيوشهم، وتقسيم غنائمهم، وَحفظ أَمْوَال بَيت المَال، وأموال الْغَانِمين، وأموال الْيَتَامَى، وَإِقَامَة هَذِه الْأُمُور وَاجِبَة، وَمَا لَا يُمكن إِقَامَة الْوَاجِب إِلَّا بِهِ يكون وَاجِبا.
وَاخْتلفُوا فِي نصب الإِمَام هَل يجب بِالسَّمْعِ، أَو بِالْعقلِ والسمع؟
1 / 112
أوجبه أهل السّنة - وَأكْثر الْمُعْتَزلَة على النَّاس بِالسَّمْعِ وَالْعقل.
1 / 113
أما الْعقل: فَظَاهر، وَأما السّمع: فَقَوله ﵇: " من مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَام فقد مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة.
وَيدل أَيْضا على وجوب نصب الإِمَام إِجْمَاع الصَّحَابَة بعد موت الرَّسُول، وَلم يَقع الِاخْتِلَاف فِي نصب الإِمَام، بل الِاخْتِلَاف وَقع فِي تعْيين الإِمَام.
1 / 114
وَلَا يجوز نصب إمامين فِي عصر وَاحِد، خلافًا لبَعض الروافض، لأَنهم يَزْعمُونَ أَن فِي كل عصر إمامين: صَامت، وناطق، فَإِن الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، لم يجوزوا ذَلِك، لِأَنَّهُ روى: أَن الْأَنْصَار قَالُوا: منا أَمِير
1 / 115
ومنكم أَمِير، قَالَ أَبُو بكر الصّديق ﵁: لَا يصلح سيفان فِي غمد وَاحِد، وَلم يُنكر عَلَيْهِ أحد من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، فَكَانَ كَون الإِمَام وَاحِدًا بِالْإِجْمَاع.
وَلَو عقدت الْإِمَامَة لاثْنَيْنِ، فالإمام هُوَ الأول، لقَوْله ﵇: " من بَايع إِمَامًا فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَده، وَثَمَرَة قلبه، فليعطه إِن اسْتَطَاعَ، فَإِن جَاءَ آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ".
1 / 116
وَقَالَ ﵇: " إِذا بُويِعَ لخليفتين، فَاقْتُلُوا الآخر مِنْهُمَا ".
وَإِن عقدتا مَعًا يسْتَأْنف العقد، وَالثَّانِي تَحت يَد الأول، وَإِن أَبى الثَّانِي يُقَاتل كالباغي.
وَقَالَ فِي " الصحائف ": يجوز نصب إمامين فِي عصر وَاحِد، إِذا تبَاعد التلاقى بِحَيْثُ لَا يصل المدد من أَحدهمَا إِلَى الآخر.
ثمَّ يَنْبَغِي أَن يكون الإِمَام ظَاهرا فِي كل عصر، ليمكنه الْقيام بِمَا نصب هُوَ لَهُ، لِأَن نصب الإِمَام لقِيَام مصَالح النَّاس، وَلَا يصلح ذَلِك بالمختفى خلافًا للروافض، فَإِنَّهُم ينتظرون إِلَى خُرُوج الْمهْدي.
1 / 117
الْبَاب الثَّانِي
فِي شُرُوط الْإِمَامَة
أما شُرُوط الْإِمَامَة فبعضها لَازم لَا تَنْعَقِد الْإِمَامَة إِلَّا بِهِ، وَبَعضهَا شَرط الْكَمَال يَصح للترجيح، وَبَعضهَا مُخْتَلف فِيهِ.
أما اللَّازِم، فالذكورة، وَالْحريَّة، وَالْبُلُوغ، وَالْعقل، وَالْعلم، وأصل الشجَاعَة، وَهُوَ أَن يكون قوي الْقلب، وَأَن يكون قرشيا، أَو يكون مِمَّن نَصبه الْقرشِي.
1 / 118
أما " الذُّكُورَة ": فَلِأَن الْمَرْأَة لَا تصلح للقهر وَالْغَلَبَة، وجر العساكر، وتدبير الحروب، وَإِظْهَار السياسة غَالِبا، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِي ﵇ بقوله: " كَيفَ يفلح قوم تملكهم امْرَأَة ".
وَأما " الْحُرِّيَّة "، و" الْبلُوغ "، و" الْعقل "، فَإِن العَبْد وَالصَّبِيّ وَالْمَجْنُون مولى عَلَيْهِم فِي تصرفاتهم، فَمن لم تكن لَهُ ولَايَة على نَفسه، فَكيف تكون لَهُ الْولَايَة على غَيره؟ .
وَأما " الْعلم "، فَلِأَن بِالْعلمِ تتضح الْأَشْيَاء الْخفية، وَيتم بِالْعلمِ السلطنة والإمارة، كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر: " إِن الله - تَعَالَى - خير سُلَيْمَان ﵇ بَين الْعلم وَالْملك، فَاخْتَارَ الْعلم، فَأعْطَاهُ الله تَعَالَى الْملك وَالْعلم جَمِيعًا.
وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد وَسليمَان علما وَقَالا الْحَمد لله الَّذِي فضلنَا على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ﴾ (النَّمْل ١٥) .
وَقَالَ ﵇: " الْعلمَاء مصابيح الْجنَّة وخلفاء الْأَنْبِيَاء ﵈.
1 / 119
وَلِهَذَا قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ ﵀: " خير الْمُلُوك من جَالس أهل الْعلم ".
وَقيل: إِن جَمِيع الْأَشْيَاء يتجمل بِالنَّاسِ، وَالنَّاس يتجملون بِالْعلمِ، وَتَعْلُو أقدارهم بِالْعقلِ، وَلَيْسَ للملوك أخير شَيْء من الْعلم وَالْعقل، فَإِن الْعلم سَبَب بَقَاء الْعِزّ ودوامه، وَالْعقل سَبَب بَقَاء السرُور ونظامه.
وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ ﵀: " إِن هَذَا الْعلم يزِيد الشريف شرفا، ويبلغ الْمَمْلُوك مقَام الْمُلُوك ".
وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ . (النِّسَاء: ٥٩) .
1 / 120
انحصر قَول الْمُفَسّرين من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ أَن المُرَاد من " أولى الْأَمر " الْأُمَرَاء وَالْعُلَمَاء.
فَإِذا اتّصف الْأَمِير بِالْعلمِ يكون مرَادا بإجماعهم، فحقيق على من يقوم مقَام النُّبُوَّة أَن يُطِيع النَّاس لَهُ.
وَقيل: لَا بُد لِلْأُمَرَاءِ من ثَلَاثَة أَشْيَاء: الْعلم، والمعرفة، وَالْعقل.
فَمثل الْعلم كَالنُّجُومِ، فَإِنَّهَا كَثِيرَة لَا غَايَة لَهَا وَلَا نِهَايَة، وَمثل الْمعرفَة كَالشَّمْسِ، لِأَنَّهَا أبدا تكون مضيئة، ونورها لَا يَنْقَطِع، لَا يزِيد وَلَا ينقص.
وَأما الْعقل فَمثله كَمثل الْقَمَر تَارَة يزِيد، وَتارَة ينقص وينكسف.
وَيدل على شرف الْعلم أَن كل شَيْء أعطَاهُ الله تَعَالَى لنَبيه مُحَمَّد ﵇ لم يقل فِيهِ قل: " رب زِدْنِي " إِلَّا فِي الْعلم، فَقَالَ الله تَعَالَى لنَبيه ﵇: ﴿وَقل رب زِدْنِي علما﴾ . (النِّسَاء ٥٩)
فَمن أَرَادَ أَن يكمل سلطنته وإمارته، يَنْبَغِي لَهُ أَن يكون عَالما، أَو يكون حَرِيصًا بحب الْعلمَاء وحضورهم عِنْده، وَيقبل نصيحتهم.
وَأما أصل " الشجَاعَة ": يَكْفِي للْإِمَامَة بِحَيْثُ يكون بِحَال يُمكنهُ جر العساكر، وَإِقَامَة الْحُدُود، ومقاتلة الْعَدو، وَإِن لم يقدر أَن يُقَاتل مَعَ الْعَدو بِنَفسِهِ.
1 / 121
وَأما " نسب قُرَيْش "، فَلقَوْله ﵇: " الْأَئِمَّة من قُرَيْش " وَاللَّام تفِيد الْعُمُوم حَيْثُ لَا عهد. واتفقت الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ على قبُول هَذَا الحَدِيث، وَالْعَمَل بِهِ حِين رَوَاهُ أَبُو بكر الصّديق ﵁ محتجا بِهِ على الْأَنْصَار.
1 / 122
وَأما شَرط " الْكَمَال ": فَهُوَ التَّقْوَى، يَعْنِي يَنْبَغِي أَن يكون الإِمَام متقيا عَن الْحَرَام والشبهات، وَيكون ورعا صَالحا ليأمن الْخَلَائق على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ، وتميل قُلُوب الْخَلَائق إِلَيْهِ، وَلَا تنفر عَنهُ، لما روى عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ﵁ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله [ﷺ] إِذا بعث أحدا من أَصْحَابه فِي بعض أمره قَالَ: " بشروا وَلَا تنفرُوا ويسروا وَلَا تُعَسِّرُوا ". فالتقوى شَرط الْكَمَال عندنَا.
1 / 123