عبد الهادي المنونيّ ﵀، تحقّقت البغية، وتيسّر الطلب، وكانت المفاجأة الكبرى، حين عثرنا على هذا الكتاب ضمن القسم الباقي من خزانة هذا العالم الجليل، المحفوظ هناك.
ويعدّ كتاب الدّرّ الثمين في أسماء المصنّفين من أهمّ المصادر التي استقصت أخبار المصنّفين وما صنّفوه في التراث العربي، ويضمّ هذا الجزء؛ الذي نسعد اليوم بإخراجه إلى النّور؛ أربع مائة وثمان عشرة ترجمة من تراجم المصنّفين، وأسماء مصنّفاتهم، ونتفا من أشعارهم، وطرائف من أخبارهم، منها إحدى وعشرون ترجمة لرجال القرن السابع الهجري.
وقد صدّره مؤلّفه بمقدّمة لم يبق منها إلا قسم يسير. وافتتح كتابه هذا بتراجم المحمّدين، فبدأ بترجمة محمد بن إدريس الشافعيّ، باعتباره «أول من صنّف الفقه ودوّنه»، وأتبعهم بتراجم من سمّي إبراهيم، فالذي يليه حسب ترتيب حروف المعجم (١).
ولم يلتزم ابن أنجب بمنهج محدّد في تراجم هذا الكتاب، فهناك تراجم طويلة استوفى فيها الأركان الأساس في الترجمة، كالاسم والكنية، وبعض الشيوخ، والتلاميذ، والمصنّفات، وتاريخ المولد والوفاة، وأضاف إلى ذلك بعض الأخبار، أو النّكات الأدبية، أو ما استحسن من أشعار وأخبار المترجم، وهناك تراجم قصيرة لا تتعدّى السطر أو السّطرين أخلّ المؤلّف فيها بما سبق ذكره من أركان الترجمة.
وعلى الرّغم من أنّ أغلب من ترجمهم ابن أنجب في هذا الكتاب سبق التعريف بهم في كتاب الفهرست للنّديم، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي، إلاّ أنّ كتاب الدّرّ الثمين يضمّ مجموعة مهمّة من تراجم شيوخ ابن أنجب ومعاصريه. وهو فيها عمدة لغيره، ومصدر هامّ لها لا يستغنى عنه، لأنه استقى بعض أخبار مترجميه منهم مباشرة، دون عزو أو إسناد،
_________
(١) اقتدى ابن الساعي في هذا الترتيب بترتيب كتب التراجم الأولى وعلى الأخص منها التاريخ الكبير للإمام البخاري (ت ٢٥٦ هـ) ﵀.
1 / 6