155

فقالوا له: انه أمرك وهو لا يدري أن الأمر يبلغ الى حيث ترى. ومالوا الى الغنائم وتركوه، ولم يبرح هو من موضعه، فحمل عليه خالد بن الوليد فقتله.

وجاء من ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريده، فنظر الى النبي (عليه السلام) في حف من أصحابه فقال لمن معه: دونكم هذا الذي تطلبون. فحملوا عليه حملة رجل واحد ضربا بالسيف وطعنا بالرمح ورميا بالنبل ورضخا بالحجارة.

وجعل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقاتلون عنه حتى قتل منهم سبعون رجلا، وثبت منهم أمير المؤمنين وأبو دجانة وسهل بن حنيف للقوم يدفعون عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فكثر عليهم المشركون ففتح رسول الله (عليه السلام) عينه وكان قد اغمي عليه مما ناله، فنظر الى علي فقال: يا علي ما فعل الناس؟

قال: نقضوا العهد وولوا الدبر.

فقال له: اكفني هؤلاء الذين قصدوا قصدي. فحمل عليهم فكشفهم، ثم عاد إليه وقد حملوا عليه من ناحية اخرى فكر عليهم فكشفهم. وأبو دجانة وسهل بن حنيف قائمان على رأسه بيد كل واحد منهما سيفه ليذب عنه.

وثاب إليه من أصحابه المنهزمين أربعة عشر رجلا، منهم: طلحة بن عبيد الله، وعاصم بن ثابت . وصغد الباقون الجبل، وصاح صائح بالمدينة: قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخذ المنهزمون يمينا وشمالا.

وكانت هند بنت عتبة جعلت لوحشي جعلا على أن يقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أو حمزة رضى الله عنه. فقال لها: أما محمد فلا حيلة لنا فيه لأن أصحابه يطيفون به، وأما علي فانه إذا قاتل كان أحذر من الذئب، وأما حمزة فإنني أطمع فيه لأنه إذا غضب لم يبصر بين يديه. وكان حمزة قد أعلم يومئذ بريشة النعام في صدره (1).

فكمن له وحشي في أصل شجرة، فرآه حمزة فبدر إليه بالسيف فضربه ضربة

Page 158