عَمَلَهُ وبين مَا يَعْمَلُ فيه بالخبر وهو» الناسُ «، يعني أنَّ الوُقودَ بالضمِّ وإن كان مصدرًا صالحًا للعملِ فلا يجوزُ ذلك أيضًا؛ لأنه عاملٌ في الحالِ وقد فَصَلْتَ بينه وبينها بأجنبي وهو» الناسُ «. وقال السجستاني: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ من صلة» التي «كقوله: ﴿واتقوا النار التي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٣١]، قال ابن الأنباري:» وهذا غَلَطٌ لأن «التي» هُنا وُصِلَتْ بقوله: ﴿وَقُودُهَا الناس﴾ فلا يجوز أن تُوصل بصلةٍ ثانية، بخلافِ التي في آل عمران. قلت: ويمكن ألاَّ يكون غَلطًا، لأنَّا لا نُسَلِّم أنَّ ﴿وَقُودُهَا الناس﴾ والحالةُ هذه صلةٌ، بل إمَّا معترضةً لأنَّ فيها تأكيدًا وإمَّا حالًا، وهذان الوجهان لا يَمْنَعهُما معنىً ولا صناعةً.
قولُه تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ﴾: هذه الجملةُ معطوفةٌ على ما قبلها، عَطَفَ جملةَ ثوابِ المؤمنين على جملةِ عقابِ الكافرين، وجاز ذلك لأنَّ مذهبَ سيبويه وهو الصحيح أنه لا يُشْتَرَطُ في عطفِ الجملِ التوافُقُ معنىً، بل تُعْطَفُ الطلبيةُ على الخبريةِ وبالعكس، بدليلِ قولِهِ: