408

Al-Durr al-Manẓūm al-Ḥāwī li-Anwāʿ al-ʿUlūm

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

أعيذكم بالله أهل هذه البلاد، من سلوك مسالك الشقاق والعناد، ومساوي الأخلاق، وسوء معاملة الخلاق، وعصيان إمام الهدى والرشاد، وأعيذ بلدتكم هذه التي لما ولينا أمورها طهرت عن الدرن والفساد، وصارت في ذلك خير بلدة باليمن، من مكة إلى عدن، عند ذي الاعتبار والانقياد، عن أن تعود إلى الجاهلية الأولى والدرجة السفلى، وتنتقص ولا تزداد، ولقد علمتم وعلم سائر الناس أننا أحييناها بالهدى بعد أن كانت ميتة، وكانت خاملة الذكر فصارت لأجلنا صيته، نصرنا فيها المظلوم، ونعشنا المهضوم، ونفسنا عن المكضوم، ونفذنا شريعة المصطفى المختار، وأقمنا الحدود، وإقامة حد واحد منها أزكى من مطر أربعين خريفا كما جاء في الأخبار، وأقمنا فيها الجماعات والجمعات التي هي للإسلام خير شعار، ونشرنا فيها العلم والتعليم، فانتشر غاية الانتشار، وحرسنا أهلها وهم رقود، وقمنا بقضاء مآربهم وهم عنها قعود، وأحيينا المساجد، وعمرنا الجوامع، وفعلنا ما يروق الأبصار والمسامع، وسعينا في الصلاح والإصلاح، وصنا الأموال فيها والأرواح، حتى استوى في الحق القوي والضعيف، والدني والشريف، فبأي سبب كثر القال علينا والقيل، وبلغنا الأذى عن الجيران والقبيل، وخاب فينا الحليف والكفيل، ونظرنا بعين التحقير والتقليل، وسطا علينا من غير تمييز ولا تحليل، غركم والله ما نحن عليه من الحلم العريض الطويل، ومعاملتنا لكم على مر الزمان بالجميل، وصبرنا الكثير غير القليل، فنعوذ بالله من تكدر المشارب، وسوء الخواتم والعواقب، وأن تكونوا كما قال الله عز وجل وضرب به المثل:?وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون? [النحل:112]، أو كما قال عز من قائل:?وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين? [القصص:58]، وستعرفون ما جهلتم من قدرنا، وتستعظمون ما تهاونتم به من أمرنا، إذا فقدتمونا، وتبكون ولا ينفعكم البكاء إذا عدمتمونا

لألفينك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادا

المرء ما دام حيا يستهان به ... ويعظم الرزء فيه حين يفتقد

?أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء

ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون?[فاطر:8] ?قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون?[الزمر:46] ..تم.

[كتاب له عليه السام إلى أهل تهامة يحذرهم عن بيع الرجا]

وكتب إلى تهامة كتابا يحذرهم عن استعمال بيع الرجا (1)، وهم يسمونه بيع التمليك، استدعى ذلك الحاكم المنصوب، قال بعد البسملة:

نحمد الله على أن جعلنا هداة إلى دينه، وحفظة لشرعه، وصرف هممنا إلى قمع هامة الضال عن سبيل رشده وردعه، ونصلي على أبينا وسيدنا عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه، صلاة تقوم وتدوم دوام طلوع كل كوكب وأفوله.

Page 443