وأما اشتغال علي عليه السلام عن الحضرة معهم بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنما هو لأحد أمرين: إما لكونه الوصي له دون غيره، فرأى أن ذلك متعين عليه دونهم، أوثقة باجتماع الصحابة للنظر في ذلك، وأنهم يرجعون إلى مشاورته بعد خوضهم ذلك وإمعان النظر فيه فيهديهم إلى الحق.
وعلى الجملة فما سمع عن أحد منهم أنه قال: لا حاجة بنا إلى خليفة نسمع له ونطيع بل يبقى أمر كل امريء إلى نفسه، بل قرائن الأحوال المفيدة للعلم تشهد بأنه لو صدر هذا الكلام عن أحد منهم لنهروه وكرهوه وسفهوه، لعلمهم ضرورة مخالفة رأيه بما يصلح به أمر الأمة، وقد يستفاد العلم عند قوة القرائن، ألا ترى أنا نعلم كثيرا من أحوال غيرنا ضرورة لقرائن تشهد بذلك؟!
وهذا الدليل أعتمده أبو هاشم(1) في بعض المواضع، وذكره جماعة من أصحابنا، واستدل به الفخر الرازي مع الدليل الثاني الذي سنذكره، قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى عليه السلام : وهو قوي جدا على قول من جعل الإجماع حجة قاطعة.
Page 262