وأما الذين لم يفسقوا عليا ولا معاوية، فلم يكن كفهم عن التفسيق لاعتقاد إمامة معاوية، وكون اجتماع إمامين صحيحا ثابتا، إذ لم ينقل عن أحد القول بإمامته في زمن علي عليه السلام بل لكون المسألة من أصلها عندهم ظنية اجتهادية، يلزم كل فيها ما أداه إليه اجتهاده حتى أن عضد الدين(1) في رده على المعتزلة حيث قالوا: بأن الصحابة عدول إلا من حارب عليا، ذكر ما يقضي بأن حربه واجب على من حاربه، لكون اجتهادهم أداهم إلى ذلك، على شناعة هذا القول، وهم يعترفون مع ذلك بخطأ معاوية(2)، لكن خطأ معفو عنه، لأن المصيب عندهم في الاجتهاديات واحد، ولهذا ذكر التفتازاني(3) الإجماع على أن أول من بغى في الإسلام معاوية، ولو كان عندهم إماما في زمن علي عليه السلام لم يعدوه باغيا.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
Page 252