وثالثها: ما ذكره في بعض تعاليق الشروح من أنه روي عن المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام فإنه روى رواية غير مشهورة، وأن الفقيه حميد بن أحمد رواه عن بعضهم رواية مبهمة، وهو أنه إذا كان للإمام تمييز وترجيح للأقاويل وعرفان لوجه القول، وإن لم يبلغ في العلم درجة الاجتهاد كالحال التي عليها أكثر أهل البصائر فهو المقصود والمعتبر، فأما المقلد الصرف الذي لا عرفان له بوجه القول ولا هداية إلى ترجيح قول على قول، ويقرب أن إمامته لا تصح، حكاه القاضي عبد الله الدواري قال: وهو القوي؛ لأن كثيرا من الأئمة الماضين من الصحابة وأهل البيت دعوا إلى الإمامة مع قصور علمهم ولم ينقم عليهم ذلك.
قال: وإنما الذي يشترط بلوغه فيه درجة الاجتهاد والاستقلال بحيث يرجع إليه هو التدبير.
قلت: وقد وقفت للقاضي المذكور في كتاب (الشريدة) وكتاب (تعليق الأصول) في النسختين المستنسختين من المسودتين على التصريح باشتراط الاجتهاد، فلما استرجح هو ومن حضره نصب المنصور بعد موت والده الإمام الناصر لدين الله عليه السلام وكان القاضي في هذا الرأي هو العلم المشهور المرجوع إليه فيه خدش بيده ما ذكره في كتابيه المذكورين من التصريح باشتراط الاجتهاد، ورقم في الهامش بخطه إجازة إمامة المقلد فلم يحترز عن النقادة في ذلك، فنعوذ بالله من اتباع الهوى ومحبة الدنيا.
Page 114