Durr Manthur
الدر المنثور في التفسير بالمأثور
Publisher
دار الفكر
Publisher Location
بيروت
صلصلة فَيَقُول: لأمر مَا خلقت وَيدخل من فِيهِ وَيخرج من دبره وَيَقُول للْمَلَائكَة: لَا ترهبوا مِنْهُ فَإِن ربكُم صَمد وَهَذَا أجوف لَئِن سلطت عَلَيْهِ لأهلكنه
فَلَمَّا بلغ الْحِين الَّذِي يُرِيد الله أَن ينْفخ فِيهِ الرّوح قَالَ للْمَلَائكَة: إِذا نفخت فِيهِ من روحي فاسجدوا لَهُ فَلَمَّا نفخ فِيهِ الرّوح فَدخل فِي رَأسه عطس فَقَالَت الْمَلَائِكَة: الْحَمد لله فَقَالَ: الْحَمد لله فَقَالَ الله لَهُ: يَرْحَمك رَبك
فَلَمَّا دخلت الرّوح فِي عُنُقه نظر إِلَى ثمار الْجنَّة فَلَمَّا دخلت إِلَى جَوْفه اشْتهى الطَّعَام فَوَثَبَ قبل أَن تبلغ إِلَى رجلَيْهِ عجلًا إِلَى ثمار الْجنَّة
وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى (خلق الإِنسان من عجل)
وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث رب الْعِزَّة إِبْلِيس فَأخذ من أَدِيم الأَرْض: من عذبها ومالحها فخلق مِنْهَا آدم
فَكل شَيْء خلقه من عذبها فَهُوَ صائر إِلَى السَّعَادَة وَإِن كَانَ ابْن كَافِرين وكل شَيْء خلقه من مالحها فَهُوَ صائر إِلَى الشَّقَاء وَإِن كَانَ ابْن نبيين
قَالَ: وَمن ثمَّ قَالَ إِبْلِيس: (أأسجد لمن خلقت طينًا) إِن هَذِه الطينة أَنا جِئْت بهَا
وَمن ثمَّ سمي آدم لِأَنَّهُ أَخذ من أَدِيم الأَرْض
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: إِن آدم خلق من أَدِيم الأَرْض
فِيهِ الطّيب والصالح والرديء فَكل ذَلِك أَنْت رَاء فِي وَلَده
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أبي ذَر سَمِعت النَّبِي ﷺ يَقُول: إِن آدم خلق من ثَلَاث تربات: سَوْدَاء وبيضاء وحمراء
وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَعبد بن حميد وَأَبُو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: خلق الله آدم من أَرض يُقَال لَهَا دحناء
وَأخرج الديلمي عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا الْهوى وَالْبَلَاء والشهوة معجونة بطينة آدم ﵇
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس أَن النَّبِي ﷺ قَالَ: لما صوّر الله تَعَالَى آدم فِي الْجنَّة تَركه مَا شَاءَ أَن يتْركهُ فَجعل إِبْلِيس يطِيف بِهِ ينظر مَا هُوَ فَلَمَّا رَآهُ أجوف علم أَنه خلق لَا يَتَمَالَك
وَلَفظ أبي الشَّيْخ قَالَ: خلق لَا يَتَمَالَك ظَفرت بِهِ
1 / 117