216

Durr Manthur

الدر المنثور في طبقات ربات الخدور

Publisher

المطبعة الكبرى الأميرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣١٢ هـ

Publisher Location

مصر

هذا السفر لو ندركه قبل أن يدركنا ونستقبله قبل أن يستقبلنا لكان خيرًا لنا· قال الزبرجدي: حفظت القرآن وتفقهت وسمعت الحديث من خالها الشيخ أبي البدر الأنصاري الواسطي وأخذ عنها أولادها الأئمة الأعلام، وسمع منه الشيخ الكبير عمر أبو الفرج الفاروثي الكازروني، وكانت عظيمة القدر رفيعة المنزلة أقبل على زروع أهل واسط، وأم عبيدة جيش الجراد فالتجأ الناس إليها فتقنعت وصعدت السطح وقالت: إلهي عبيدك ساقهم حسن الظن إلي، وأنت الذي ألقيت ذلك في قلوبهم وإني أقل من أن أسألك لذنوبي وسواد وجهي وأنت أكرم من أن ترد المنكسرين يا أرحم الراحمين· فزم الجراد زمة واحدة وكأنه إبل ساقها رعاتها حتى لم يبق منه جرادة واحدة· توفيت سنة ثلاث وستمائة (ستمائة وثلاثون) بأم عبيدة ودفنت بالمشهد الأحمدي المبارك ﵂· زينب ابنة رسول الله ﷺ هي أكبر أولاده ولدت ولرسول الله ﷺ ثلاثون سنة وماتت سنة ثمان للهجرة في حياة أبيها وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد· وقد قيل: إنها لم تكن أكبر بناته وليس بشيء إنما الاختلاف بين القاسم وزينب أيهما ولد قبل الآخر فقال بعض العلماء بالنسب: أول ولد ولد له القاسم، ثم زينب· وهاجرت بعد وقعة بدر، وقد تزوجت لقيطًا الملقب بأبي العاص بن الربيع، وولدت منه غلامًا اسمه علي فتوفي وقد ناهز الاحتلام، وكان رديف رسول الله ﷺ يوم الفتح وولدت له أيضًا بنتًا اسمها أمامة وأسلم أبو العاص وكان الإسلام قد فرق بين زينب وبين أبي العاص إلا أن رسول الله ﷺ كان لا يقدر أن يفرق بينهما بمكة لعدم قوة الإسلام بها حينئذ· وقيل: إن أبا العاص لما أسلم رد عليه رسول الله ﷺ زينب فقيل: بالنكاح الأول· وقيل: ردها بنكاح جديد· وتوفيت زينب بالمدينة في السنة الثامنة (للهجرة) ونزل رسول الله ﷺ في قبرها وهو مهموم محزون، فلما خرج سرّي عنه، وقال: "كنت ذكرت ضعفها" فسألت الله تعالى أن يخفف عليها ضمة ففعل وهون عليها· ثم توفي بعدها زوجها أبو العاص· وقال آخرون: إن زينب ولدت في سنة ثلاثين من مولده ﷺ وأدركت الإسلام وأسلمت وهاجرت وكان أبوها يحبها وتزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع ففرق بينهما الإسلام، ثم لما أسلم زوجها جمع ﷺ بينهما· قال بعضهم: ولم يفرق بينهما من أول البعثة لأن تحريم نكاح المشرك للمسلمة إنما كان بعد الهجرة· وعن عائشة ﵂ قالت: كان الإسلام فرق بين زينب وبين أبي العاص إلا أن رسول الله ﷺ كان لا يقدر أن يفرق بينهما لأنه كان مغلوبًا بمكة وولدت زينب لأبي العاص عليًا وأمامة فأما علي فمات مراهقًا، وأما أمامة فتزوجها علي بن أبي طالب بعد خالتها فاطمة بوصية من فاطمة وتزوجها بعد موت علي المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بوصية من علي وكان رسول الله ﷺ يحب أمامة وهي التي كان يحملها في الصلاة على عاتقه فإذا ركع وضعها وإذا رفع رأسه من السجود أعادها· ولما أسر أبو العاص في وقعة بدر وكان مع الكفار أرسلت زينب في فدائه الربيع بمال دفعته إليه من ذلك قلادة لها كان أمها خديجة قد أدخلتها بها على أبي العاص فقال رسول الله ﷺ: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا"· فقالوا: نعم، وكان أبو العاص مصاحبًا لرسول الله صلى الله

1 / 231