Duroos Sheikh Omar Al-Ashqar
دروس الشيخ عمر الأشقر
Genres
أهمية الإيمان باليوم الآخر
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
إن الإيمان باليوم الآخر مفرق طريق يبن المسلم والكافر، بين المؤمنين والكفار، وعلامة المسلم: أنه ينظر في كل أعماله وأقواله وتصرفاته إلى ذلك اليوم، فهو يريد بعمله أن يتقرب إلى الله ﷿، أن ينال رحمة الله ﷾، أن ينال جنة الله ﷿، فهو يمتنع عن كل محرم وكل منهي عنه؛ خوفًا من الله ﷿ وخوفًا من ناره وعذابه، لذلك وصف الله المؤمنين بأنهم يريدون رحمته ويخافون عذابه.
لشدة تأثير الإيمان باليوم الآخر في نفس المسلم وصف الله ﷾ هذا اليوم وصفًا دقيقًا، وفصله رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه تفصيلًا بينًا، حتى كأنما المؤمن ينظر من خلال كتاب الله ومن خلال كلام الرسول ﷺ إلى ذلك اليوم، بل كأنه يعيش فيه، ولذلك فإن هذا اليوم حي في نفس المؤمن، دائمًا يتراءى له عند منامه وقيامه، وهو يعيش بين الناس منفردًا وحده، بل جعل الرسول ﷺ الذي يبكي منفردًا خائفًا من الله ﷾ ومن غضب الله ﷿ أحد الأصناف الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، حيث قال: (ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) وقال: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين حرست في سبيل الله).
والكفار والفجار والمجرمون لا يريدون أن يستقيموا على منهج؛ لأنهم يرون في هذا المنهج تقييدًا لفكرهم وأعمالهم، ويرون في ذلك ضياعًا للمتع والشهوات التي يظنون أن فيها خيرًا وسعادة، ولذلك فهم يكفرون بهذا اليوم، ومن قبل كان الذين بعث إليهم الرسول ﷺ يستبعدون هذا اليوم لقضية أشكلت عليهم، وهذه القضية لا تزال تراود كثيرًا من الناس، وهي: كيف يعود الإنسان حيًا سميعًا بصيرًا متحركًا بعد أن وضع في التراب وتقطعت أجزاؤه وأصبح لحمه رمادًا؟ كيف يبعث مرة أخرى بعد أن تبلى عظامه؟! هذه قضية أشكلت على عقول الناس، وقد ناقشها القرآن كثيرًا، وكثير من الناس يؤمن بوجود الله ويصدق بوجوده، وأنه خالق الكون والإنسان، ولكنه لا يصدق بأن هناك بعثًا بعد الموت، فما السر في ذلك؟! يقولون: ﴿أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [السجدة:١٠]، تقول العرب: ضل الملح في الطعام إذا غاب فيه، يعني: فني فيه، فإذا غبنا في الأرض، وأصبحنا جزءًا من هذه الأرض، فبليت عظامنا ولحومنا، وأصبحنا من هذه الأرض، وتحولنا إلى تراب، أبعد ذلك يكون هناك خلق جديد؟!
13 / 2