Duroos of Sheikh Khalid Al-Mosleh
دروس للشيخ خالد المصلح
Genres
سرعة انقضاء الدنيا
إن مما يعين على تحقيق ما أمر به رسول الله ﷺ أن ننظر إلى سرعة انقضاء الدنيا، فالدنيا -أيها الإخوان- سريعة الانقضاء، هي مراحل تنقضي مرحلة تلو مرحلة، إذا لم يدرك الإنسان هذا الأمر غفل، وإذا غفل فاتت عليه الخيرات، وفاتت عليه الفرص، عمره فرصة للسبق إلى مغفرة من الله ورضوان، للمسارعة إلى جنة عرضها السموات والأرض، فاحرص على مراحل عمرك، واعلم أن الليل والنهار مراحل تطوى وتنقضي، فيوم أمس شاهد عليك، ويومك الحاضر محل عملك، وغدًا قد لا تدركه، فلا تدري أتكون فيه من الأحياء أو لا تكون فيه من الأحياء؟ فاعمل جادًا في قطع المراحل لطاعة الله ﷿، واعلم أن المراحل تطوى وأنت لا تشعر، كلنا لو أراد أن يسترجع ذاكرته وذهنه إلى ما قبل سنوات قريبة لفاته شيء كثير، وقال: ما أسرع تقارب الزمان، وتعاقب الليالي والأيام! لكن هذا لا ينفعه إذا كان لا يحدث فيه إقبالًا على الطاعة، وتصحيحًا للأخطاء، واستدراكًا لما فات، وتنمية وزيادة للخيرات، مراحل العمر تنقضي وتسير سيرًا حثيثًا، والعجيب العجيب أنك لو تأملتها؛ لرأيت المنازل تطوى، والمسافر قاعد! هذه حال الدنيا، منازل الليل والنهار تطوى وتنقضي، والمسافرون أنا وأنت والثاني والثالث قاعدون لا نشعر بهذا السفر، ومن الغريب العجيب أن الله ﷾ جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا، والواقع أن تعاقب الليل والنهار أصبح غشاء عند كثير من الناس، ينسيه النهار ما كان في الليل، ويلهيه ليله عما كان في نهاره، وهلم جرًا، أصبح تعاقب الليل والنهار فتنة له، لا ذكرى ولا عبرة.
نسأل الله ﷿ -أيها الإخوة الكرام- أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعلنا من عباده المتقين المحققين لأمر رسول الله ﷺ عامة، وأمره في هذا الحديث خاصة، ونكتفي بهذا القدر من الكلام.
3 / 5