Durūs liʾl-Shaykh ʿAbd Allāh al-Jalālī
دروس للشيخ عبد الله الجلالي
Genres
أهمية تحمل المشاق والعقبات في السير إلى الله ﷿
هذه العقبات ربما تعترض هي أو غيرها طريق واحد منا، فإما أن يكون هذا المؤمن صلب الإيمان يتصور دائما وأبدًا ساعة الوقوف بين يدي الله ﷿ والجنة والنار والحساب والآخرة فتهون هذه الفتن كلها في طريقه.
وإما أن يكون ضعيفًا هزيل الإيمان، لا يقف إيمانه على قدميه، فيرجع من منتصف الطريق، فيخسر الدنيا والآخرة، كما أخبر الله ﷾.
فمن ظن أن طريق الجنة طريق سهلة معبدة فعليه أن يراجع إيمانه، وعليه أن يقرأ القرآن بتفكير وتؤدة، قال ﷿: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران:١٤٢]، وقال: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ [التوبة:١٦]، ونحو ذلك من الآيات.
ويقول خباب صاحب رسول الله ﷺ: أتينا رسول الله ﷺ ذات يوم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: يا رسول الله! ألا تدعو لنا؟ ألا تستنصر لنا؟ فجلس الرسول ﷺ وقال: (لقد كان يؤتى بالرجل ممن كان قبلكم فيوضع المنشار في مفرق رأسه، فيقسم إلى قسمين، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه، لا يصرفه ذلك عن دين الله، ووالله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)، وكانت هذه جرعة قوية أعطت المسلمين قوة.
ولقد أتي بـ خبيب ﵁ فرفع ليصلب، فقيل له: أتحب أن محمد مكانك وأنت في أهلك؟ فقال: والله ما أحب أن تصيب محمدًا شوكة وأنا على هذه الحال.
ويؤتى بـ بلال الحبشي ﵁ ويبطح على حجارة مكة الحارة، وتزال ثيابه، وتوضع عليه الحجارة الحارة، ويعرضون عليه الكفر فيقول: أحد أحد.
ويؤتى بـ عمار بن ياسر وأمه وأبيه تحت العذاب، ويمر بهم الرسول ﷺ فيقول: (صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة).
ونحن الآن ربما ندرك شيئًا من هذه الفتن، وهؤلاء الذين أصبحوا يحاربون المسلمين في دينهم من العلمانيين والمنحرفين هؤلاء هم نوع من الفتنة، فهل سنتحمل هذه الفتنة أو نضعف أمام هؤلاء؟ نسأل الله العافية والسلامة، فنحن لا نتمنى لقاء العدو، ولكن بعد أن رأينا العدو الآن له صولة وجولة فعلينا أن نستعين بالله، وأن نصبر، قال ﷿: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل:١٢٧].
12 / 17