Duroos by Sheikh Ali Bin Umar Badahdah
دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح
Genres
أهمية الفهم والاستنباط لطالب العلم
النقطة الخامسة: الفهم والاستنباط، فليس الأمر حفظًا، فإن بعض الناس قد يكب على كتابه أو على نص يحفظه ويدندن به، فإذا سئل عن شيء لم يكن إلا نسخة جديدة من ذلك الكتاب، أو شريطًا بدلًا من الكتاب.
فلابد أن يكون لطالب العلم فهم يستنبط به، وهناك مسائل كثيرة ذكرت لأهل العلم تبين دقة فهمهم وعمق استنباطهم لكثير من المسائل والمعضلات، وقد كان عمر ﵁ إذا أشكل عليه أمر استشار واستفتى عليًا ﵁، ومن ذلك المسألة المشهورة التي ذكر فيها: (أن رجلًا جاء بامرأته وقد ولدت لستة أشهر يتهمها، فقضى علي أن الولد منه، واستشهد بأن الرضاعة حولين كاملين -أي: سنتين- وقال: إن حمله وفصاله ثلاثون شهرًا، فيمكن بعد الفصل أن يكون الحمل ستة أشهر).
وهناك من المسائل الكثيرة التي فيها بيان لفقه العلماء ودقة استنباطهم، حتى قال القائل في شأن أبي حنيفة رحمة الله عليه: لو شاء أن يجعل لك هذه الإسطوانة ذهبًا لجعلها.
أي: من قوة حجته وقدرته على فهم النصوص وبيان معانيها ودلائلها.
ولذلك يقول النبي ﵊: (من يرد به الله خيرًا يفقهه في الدين) والفقه: هو الفهم والاستنباط.
وقال سبحانه: ﴿وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:٤٤] أي: لا تفهمون تسبيحهم، ولذلك من وراء الفقه التفقه.
وفي حديث ابن مسعود ﵁ عن النبي ﵊: (نضر الله امرأً سمع مقالتي فحفظها ووعاها فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) فإذًا: لابد أن نعنى بهذا الجانب وهذا متعلق بالملكات والقدرة.
5 / 8