من غرر الأبيات ونوادر الحكايات الدَّالَّة على مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَقد طبع بِالْقَاهِرَةِ بتحقيق الْأُسْتَاذ الخولي وَيُنْهِي ابْن بشكوال حَدِيثه عَن مصنفاته بقوله: "كَانَ موفقا فِي التَّأْلِيف معانا عَلَيْهِ ونفع الله بتواليفه، وَكَانَ مَعَ تقدمه فِي علم الْأَثر، وبصره بالفقه ومعاني الحَدِيث، لَهُ بسطة كَبِيرَة فِي علم النّسَب وَالْخَبَر".
٢- مصَادر "الدُّرَر فِي اخْتِصَار الْمَغَازِي وَالسير".
ذكر ابْن عبد الْبر فِي خطْبَة هَذَا الْكتاب أَنه أفرده لسَائِر خبر رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مبعثه وأوقاته مُعْتَمدًا على كتابي مُوسَى بن عقبَة فِي الْمَغَازِي، وَكتاب مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة، ومعروف أَن أَولهَا توفّي سنة ١٤١ لِلْهِجْرَةِ، فِي حِين توفّي الثَّانِي سنة ١٥٠ أَو ١٥١، فِي بعض الرِّوَايَات، وظل كتاباهما المصدرين الأساسيين لسيرة الرَّسُول ﷺ، على مدى العصور التالية، يرجع إِلَيْهِمَا المصنفون والمؤلفون للسيرة الزكية، حَتَّى إِذا طَال بهما الْعُمر سقطا من يَد الزَّمن كَمَا سقط كثير من المصنفات الْقَدِيمَة، إِلَّا قِطْعَة من سيرة ابْن إِسْحَاق لَا تزَال بَاقِيه بمكتبة الرِّبَاط، وَإِلَّا رِوَايَة ابْن هِشَام لَهَا. وَهِي لَيست رِوَايَة تَامَّة إِنَّمَا هِيَ تَهْذِيب وتنقيح لَهَا واختصار، وَلم يروها عَن ابْن إِسْحَاق مُبَاشرَة، إِنَّمَا رَوَاهَا عَن تِلْمِيذه زِيَاد بن عبد الله البكائي، وَقد طبعت فِي عصرنا مرَارًا.
وَيَقُول ابْن عبد الْبر: إِنَّه اختصر سيرته من كتاب ابْن إِسْحَاق رِوَايَة ابْن هِشَام وَغَيره، ويفصل القَوْل فِي ذَلِك فِي أثْنَاء حَدِيثه عَن حجَّة الْوَدَاع، قَائِلا: "مَا كَانَ فِي كتَابنَا هَذَا عَن ابْن إِسْحَاق فروايتنا فِيهِ عَن عَبْد الْوَارِث بْن سُفْيَان، عَن قَاسم بْن أصبغ، عَن مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام الْخُشَنِي، عَن مُحَمَّد بْن البرقي، عَن ابْن هِشَام، عَن زِيَاد البكائي عَن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وَقِرَاءَة مني أَيْضا على عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف، عَن ابْن مفرج، عَن ابْن الْأَعرَابِي، عَن العطاردي، عَن يُونُس بْن بكير، عَن ابْن إِسْحَاق. وَقِرَاءَة مني أَيْضا على عَبْد الْوَارِث بْن سُفْيَان، عَن قَاسم بْن أصبغ، عَن عبيد بْن عَبْد الْوَاحِد الْبَزَّار، عَن [أَحْمد بْن] مُحَمَّد بْن أَيُّوب، عَن إِبْرَاهِيم بْن سعد، عَن ابْن إِسْحَاق". وَإِذن فَهُوَ لم يكتف بِرِوَايَة ابْن هِشَام لكتاب ابْن إِسْحَاق، بل ضم إِلَيْهَا رِوَايَة يُونُس بن بكير، وبمكتبة الْقرَوِيين بفاس نُسْخَة مِنْهَا مخطوطة، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ ضم إِلَيْهَا رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن
1 / 8