الحَدِيث وَالرِّجَال، قديم السماع كثير الشُّيُوخ" وَيَقُول أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ: "لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد الْبر فِي الحَدِيث" وَيَقُول ابْن بشكوال: "إِمَام عصره وَوَاحِد دهره. دأب فِي طلب الْعلم وافتن فِيهِ وبرع براعة فاق بهَا من تقدمه من رجال الأندلس" وَيَقُول ابْن سعيد نقلا عَن الحجاري: "إِمَام الأندلس فِي علم الشَّرِيعَة وَرِوَايَة الحَدِيث، لَا أستثني من أحد، وحافظها الَّذِي حَاز خصل السَّبق وَاسْتولى على غَايَة الأمد، وَانْظُر إِلَى آثاره، تعنك عَن أخباره".
وَقد سمع مِنْهُ عَالم عَظِيم حملُوا عَنهُ مصنفاته الَّتِي طارت شهرتها فِي عصره وَبعد عصره، مِنْهَا فِي الْفِقْه والْحَدِيث كتاب "التَّمْهِيد لما فِي الْمُوَطَّأ من الْمعَانِي والأسانيد" وَفِيه يَقُول ابْن حزم: "لَا أعلم فِي الْكَلَام على فقه الحَدِيث مثله فَكيف أحسن مِنْهُ؟! ". وَفِي دَار الْكتب المصرية قِطْعَة من هَذَا الْكتاب، وَقد اخْتَصَرَهُ ابْن عبد الْبر فِي كتاب سَمَّاهُ "التَّقَصِّي لما فِي الْمُوَطَّأ من حَدِيث رَسُولُ اللَّهِ ﷺ" وَمن كتبه فِي الْفِقْه والْحَدِيث أَيْضا: "الاستذكار لمذاهب فُقَهَاء الْأَمْصَار مِمَّا رسمه الإِمَام مَالك فِي الْمُوَطَّأ من مَعَاني الرَّأْي والْآثَار" نشر مِنْهُ بِالْقَاهِرَةِ جزآن بتحقيق الْأُسْتَاذ عَليّ النجدي. وَقد عَاد فَاخْتَصَرَهُ فِي كتاب دَعَاهُ: "الْكَافِي فِي الْفِقْه على مَذْهَب أهل الْمَدِينَة". وَمن كتبه فِي الْفِقْه: "اخْتِلَاف أَصْحَاب مَالك بن أنس وَاخْتِلَاف رواياتهم عَنهُ". وَمن كتبه فِي الْقرَاءَات وعلوم الْقُرْآن: "الْبَيَان عَن تِلَاوَة الْقُرْآن" و"التجويد والمدخل إِلَى الْعلم بالتحديد" و"الِاكْتِفَاء فِي قِرَاءَة نَافِع وَأبي عَمْرو بن الْعَلَاء بتوجيه مَا اخْتلفَا فِيهِ". وَمن كتبه "جَامع بَيَان الْعلم وفضله وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَته وَحمله" وَقد اخْتَصَرَهُ أَحْمد عمر المحمصاني الْبَيْرُوتِي وَنشر فِي مُجَلد لطيف. وَألف فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة كِتَابه الَّذِي ننشره: "الدُّرَر فِي اخْتِصَار الْمَغَازِي وَالسير" وعني بسير مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة وصنف فِيهَا "الانتقاء فِي فَضَائِل الثَّلَاثَة الْأَئِمَّة الْفُقَهَاء" وَهُوَ مطبوع. وَألف فِي الصَّحَابَة كِتَابه الضخم "الِاسْتِيعَاب" استقصى فِيهِ أَسمَاء الْمَذْكُورين مِنْهُم فِي الرِّوَايَات وَالْأَخْبَار وَعرف بهم ولخص أَحْوَالهم وأخبارهم مُرَتبا لَهُم على حُرُوف المعجم، وَهُوَ مطبوع. وَمن كِتَابه "الْقَصْد والأمم فِي التَّعْرِيف بأصول أَنْسَاب الْعَرَب والعجم" و"الإنباه على قبائل الروَاة" وهما مطبوعان مَعًا. وَكَانَت فِيهِ نَزعَة أدبية جعلته ينظم الشّعْر من حِين إِلَى حِين، كَمَا جعلته يؤلف كِتَابه "بهجة الْمجَالِس وَأنس الْمجَالِس" للمظفر بن الْأَفْطَس صَاحب بطليوس، وَهُوَ مختارات
1 / 7