262

Al-Durar fī ikhtiṣār al-maghāzī waʾl-siyar

الدرر في اختصار المغازي والسير

Investigator

الدكتور شوقي ضيف

Publisher

دار المعارف

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٣ هـ

Publisher Location

القاهرة

بَاب ذكر وَفَاة ١ النَّبِي ﷺ
رَوَى وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللِّهِ وَالْفَتْحُ﴾ السُّورَةُ٢ كُلُّهَا عَلِمَ النَّبِيُّ ﵇ أَنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ.
وَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَالَ: يَقُولُ لَهُ: اعْلَمْ أَنَّكَ سَتَمُوتُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: لِلَّهِ دَرُّكَ يَا بن عَبَّاسٍ، إِعْجَابًا بِقَوْلِهِ. وَقَدْ كَانَ سَأَلَ عَنْهَا غَيْرَهُ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ.
ثُمَّ لَمَّا دَنَتْ وَفَاتُهُ أَخَذَهُ وَجَعُهُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَخَرَجَ إِلَى أَهْلِ أُحُدٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ صَلاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ٣.
وَكَانَ أَوَّلَ مَا يَشْكُو فِي عِلَّتِهِ الصُّدَاعُ، فَيَقُولُ: "وَارَأْسَاهُ" ثُمَّ لَمَّا اشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَمُرِّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِيهِ ﷺ، وَكَانَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ: "مَا زِلْتُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُهُ بِخَيْبَرَ ٤، مَا زَالَتْ تِلْكَ الأَكْلَةُ تُعَاوِدُنِي، فَهَذَا أَوَانُ قطعت أَبْهَري" ٥. وأغمي عَلَيْهِ

١ انْظُر فِي وَفَاة النَّبِي ابْن هِشَام ٤/ ٢٩١، ٢٩٨ وَمَا بعْدهَا وَابْن سعد ج٢ ق٢ ص١٠ وَمَا بعْدهَا وَالْبُخَارِيّ ٦/ ٩ والطبري ٣/ ١٨٣ وَابْن حزم ص ٢٦٢ وَابْن سيد النَّاس ٢/ ٣٣٥ وَابْن كثير ٥/ ٢٢٣.
٢ هِيَ آخر سور الْقُرْآن نزولا على الرَّسُول، وَفِي بعض الْأَحَادِيث أَنه قَالَ لجبريل حِين نزل عَلَيْهِ بهَا: "نعيت نَفسِي" فَأَجَابَهُ: وللآخرة خير لَك من الأولى.
٣ كَأَنَّمَا كَانَت هَذِه الصَّلَاة بعد سبع سِنِين من مَوْتهمْ وداعا للأموات والأحياء مَعًا.
٤ يُشِير إِلَى الشَّاة المشوية الَّتِي أطعمتها إِيَّاه امْرَأَة سَلام بن مشْكم على نَحْو مَا مر بِنَا فِي فِي غير هَذَا الْموضع.
٥ الْأَبْهَر: عرق مستبطن بالصلب يتَّصل بِالْقَلْبِ فَإِذا انْقَطع مَاتَ صَاحبه. وَكَانَ بعض الصَّحَابَة مثل ابْن مَسْعُود يرَوْنَ أَنه ﷺ مَاتَ شَهِيدا.

1 / 269