Al-Durar fī ikhtiṣār al-maghāzī waʾl-siyar
الدرر في اختصار المغازي والسير
Investigator
الدكتور شوقي ضيف
Publisher
دار المعارف
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٣ هـ
Publisher Location
القاهرة
ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ. فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ: "لَوْ أَنِّي ١ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ [مِنْكُمْ ٢] لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِلَّ ٣ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً" فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا النَّبِيَّ ﵇ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْثُمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بَيْنَ أَصَابِعِهِ٤ ثُمَّ قَالَ: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ -مَرَّتَيْنِ- لَا، بَلْ لأَبَدِ الأَبَدِ" ٥. قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنٍ إِلَى النَّبِي ﷺ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُول اللَّه، ﷺ، مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ، لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ، ﷺ، فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "صَدَقَتْ صَدَقَتْ" ثُمَّ قَالَ: "مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ ٦ الْحَجَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ، قَالَ: "فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلا تَحِلَّ". قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةً. قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلا النَّبِيَّ ﵇ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ٧ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ. وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى بِهَا٨ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ٩. ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلا، حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ١٠. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
١ فِي ر: إِنِّي لَو.
٢ زِيَادَة من ر وَمُسلم.
٣ حل من إِحْرَامه يحل بِكَسْر الْحَاء، وَأحل: خرج.
٤ فِي مُسلم: فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَصَابِعه وَاحِدَة فِي الْأُخْرَى.
٥ فِي مُسلم: بل لأبد أَبَد.
٦ فرضت الْحَج: نَوَيْت الْقيام بِفَرِيضَتِهِ.
٧ هُوَ الْيَوْم الثَّامِن من ذِي الْحجَّة، وَفِيه يحرم من كَانَ بِمَكَّة، وواضح أَنه أحرم بِهِ من كَانُوا أحلُّوا.
٨ هَكَذَا فِي مُسلم، وَفِي الأَصْل ور: بِنَا.
٩ فِي مُسلم: وَالْفَجْر.
١٠ نمرة: مَوضِع بِجنب عَرَفَات.
1 / 265