أَوْحَى [اللَّهُ١] إِلَيْهِ كَمَا أَوْحَى إِلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، ﵀، وَغَيْرِهِ٢:
أَنَّ الْوَحْيَ كَانَ يَأْتِيهِ أَحْيَانًا مِثْلَ صَلْصَلَةِ٣ الْجَرَسِ، وَأَحْيَانًا يُكَلِّمُهُ الْملك، وَأَحْيَانا يشْتَد عَلَيْهِ، فَيَتَفَصَّدُ٤ جَبِينُهُ فِي الْيَوْمِ الْبَارِدِ عَرَقًا.
وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ وَضَعَتْ جِرَانَهَا٥.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ ﵁، قَالَ: كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَيُسْمَعُ لَهُ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ.
وَقد أشبعنا هَذَا الْمَعْنى٦ فِي كتاب التَّمْهِيد عِنْد ذكر حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ الْمَذْكُور. وَالْحَمْد لله.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَة، ﵂، قَالَت: ٧أول مَا بديء بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، ﷺ، مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ٨، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ٩، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ١٠ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ١١ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَة، فتزوده
_________
١ زِيَادَة من ر.
٢ انْظُر فِي حالات الْوَحْي صَحِيح البُخَارِيّ ١/ ٢ وَمَا بعْدهَا وَابْن سعد ج١ ق١ ص١٢٩ وَمَا بعْدهَا وَالرَّوْض الْأنف لِلسُّهَيْلِي ١/ ١٥٣ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٨٩.
٣ الصلصلة: صَوت ذُو رنين.
٤ يتفصد: يسيل.
٥ وضعت النَّاقة جِرَانهَا: بَركت على الأَرْض. والجران: مقدم عنق النَّاقة وَالْبَعِير.
٦ هَذَا الْمَعْنى: أَي فِي حالات الْوَحْي. وَقد عرضنَا لكتابه التَّمْهِيد فِي الْمُقدمَة.
٧ انْظُر فِي هَذَا الحَدِيث صَحِيح البُخَارِيّ ١/ ٣، ٦/ ١٧٣ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ٢/ ١٩٧ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٨٤.
٨ رِوَايَة البُخَارِيّ: الصَّالِحَة.
٩ الْخَلَاء: الْخلْوَة.
١٠ وَهُوَ: أَي التحنث.
١١ هَكَذَا الرِّوَايَة فِي البُخَارِيّ وَمُسلم. وَفِي الأَصْل ور: فِي اللَّيَالِي.
1 / 31