330

Durar al-farāʾid al-mustaḥsana fī sharḥ manẓūmat Ibn al-Shiḥna

درر الفرائد المستحسنة في شرح منظومة ابن الشحنة

Editor

الدكتور سُلَيمان حُسَين العُمَيرات

Publisher

دار ابن حزم

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

اِسْتَعَارَ سَيَلَانَ السُّيُوْلِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَبَاطِحِ لِسَيْرِ الْإِبِلِ سَيْرًا حَثِيْثًا فِيْ غَايَةِ السُّرْعَةِ، الْمُشْتَمِلِ عَلَى لِيْنٍ وَسَلَاسَةٍ، وَالشَّبَهُ فِيْهَا ظَاهِرٌ عَامِّيٌّ، لَكِنْ قَدْ تَصَرَّفَ فِيْهِ بِمَا قَدْ أَفَادَهُ اللُّطْفَ وَالْغَرَابَةَ؛ إِذْ أَسْنَدَ الْفِعْلَ - وَهُوَ (سَالَتْ) - إِلَى الْأَبَاطِحِ دُوْنَ الْمَطِيِّ أَوْ أَعْنَاقِهَا؛ حَتَّى أَفَادَ أَنَّهُ امْتَلَأَتِ الْأَبَاطِحُ مِنَ الْإِبِلِ؛ كَمَا فِيْ: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ [مريم: ٤]، وَأَدْخَلَ الْأَعْنَاقَ فِي السَّيْرِ؛ لِأَنَّ السُّرْعَةَ أَوِ الْبُطْءَ فِيْ سَيْرِ الْإِبِلِ يَظْهَرَانِ غَالِبًا فِي الْأَعْنَاقِ.
- وَقَدْ تَحْصُلُ الْغَرَابَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ (١).
وَالِاسْتِعَارَةُ بِاعْتِبَارِ الثَّلَاثَةِ
أَيِ: الْمُسْتَعَارِ مِنْهُ، وَالْمُسْتَعَارِ لَهُ، وَالْجَامِعِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ:
· إِنْ كَانَا حِسِّيَّيْنِ:
١ - فَالْجَامِعُ إِمَّا حِسِّيٌّ: نَحْوُ: ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا﴾ [طه: ٨٨] فَالْمُسْتَعَارُ مِنْهُ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ، وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ: الْحَيَوَانُ الَّذِيْ خَلَقَهُ اللهُ مِنْ حُلِيِّ الْقِبْطِ الَّتِيْ سَبَكَتْهَا نَارُ السَّامِرِيِّ عِنْدَ إِلْقَائِهِ فِيْ تِلْكَ الْحُلِيِّ التُّرْبَةَ الَّتِيْ أَخَذَهَا مِنْ مَوْطِئِ فَرَسِ جِبْرِيْلَ ﵇، وَالْجَامِعُ الشَّكْلُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ كَانَ عَلَى شَكْلِ وَلَدِ الْبَقَرَةِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ لِلْفَرَسِ الْمَنْقُوْشَةِ عَلَى الْجِدَارِ: (إِنَّهُ فَرَسٌ) بِجَامِعِ الشَّكْلِ، وَالْجَمِيْعُ - أَيِ: الْمُسْتَعَارُ مِنْهُ، وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ، وَالْجَامِعُ (٢) - حِسِّيٌّ يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ.
٢ - وَإِمَّا عَقْلِيٌّ: نَحْوُ الِاسْتِعَارَةِ الَّتِيْ طَرَفَاهَا حِسِّيَّانِ وَالْجَامِعُ عَقْلِيٌّ؛

(١) كالجمع بين عدّة استعارات لإلحاق الشّكل بالشّكل؛ انظر: المطوّل ص ٥٩٢.
(٢) في التَّلخيص ص ٨٥ (والجميعُ حسّيّ) وكذا في المطوَّل ص ٥٩٣. وكلمة (الجميع) تشمل (الجامع، والمستعار منه، والمستعار له). ولعلَّ العمريَّ ﵀ آثَرَ (الجامع)؛ لتناسب قولَه بعدَها: (وإمّا عقليّ) وهو يقصد الجامع.

1 / 364