فَـ: الِاسْتِعَارَةُ
تَابِعِيَّهْ: أَيْ فَالِاسْتِعَارَةُ تَبَعِيَّةٌ؛ لِجَرَيَانِهَا فِي اللَّفْظِ الْمَذْكُوْرِ (١) بَعْدَ جَرَيَانِهَا فِي الْمَصْدَرِ، إِنْ كَانَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعَارُ مُشْتَقًّا؛ مِثْلُ الْأَفْعَالِ وَالصِّفَاتِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ أَسْمَاءِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ، وَبَعْدَ جَرَيَانِهَا فِيْ مُتَعَلَّقِ مَعْنَى الْحَرْفِ، إِنْ كَانَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعَارُ حَرْفًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِعَارَةَ بِوَاسِطَةِ تَفَرُّعِهَا عَنِ التَّشْبِيْهِ تَقْتَضِيْ مُلَاحَظَةَ الْمُسْتَعَارِ مِنْهُ ضِمْنًا، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَوْصُوْفٌ وَمَحْكُوْمٌ عَلَيْهِ بِوَجْهِ الشَّبَهِ وَبِالْمُشَارَكَةِ فِيْهِ مَعَ الْمُسْتَعَارِ لَهُ.
وَقَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ مَعْنَى الْحَرْفِ - مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْنَاهُ - لَا يَصِحُّ أَنْ يُلَاحَظَ مَحْكُوْمًا عَلَيْهِ، وَمَوْصُوْفًا بِشَيْءٍ - عَلَى مَا حَقَّقَهُ الشَّرِيْفُ الْمُرْتَضَى (٢)، قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ، فِيْ بَعْضِ رَسَائِلِهِ (٣) -: «فَلَا يُتَصَوَّرُ جَرَيَانُ الِاسْتِعَارَةِ فِي الْحَرْفِ ابْتِدَاءً؛ لَكِنْ مُتَعَلَّقَاتُ الْحُرُوْفِ؛ (كَالِابْتِدَاءِ، وَالِانْتِهَاءِ، وَالظَّرْفِيَّةِ، وَالْغَرَضِيَّةِ) مَعَانٍ مُسْتَقِلَّةٌ، فَيَقَعُ التَّشْبِيْهُ بِهَا، وَتَجْرِي الِاسْتِعَارَةُ فِيْهَا أَصَالَةً، ثُمَّ تَسْرِي إِلَى مَعَانِي الْحُرُوْفِ؛ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهَا، وَاسْتَلْزَامِهَا لَهَا، وَكَذَا قَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ مَعَانِيَ الْأَفْعَالِ -مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَعَانِيْهَا- لَا يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ مَحْكُوْمًا عَلَيْهَا؛ فَلَا تَجْرِي الِاسْتِعَارَةُ فِيْهَا أَصَالَةً بَلْ تَبَعًا لِمَعَانِيْ مَصَادِرِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ - فِي الْفِعْلِ - إِنَّمَا تُتَصَوَّرُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَصْدَرِ، وَلَا تَجْرِيْ فِي النِّسْبَةِ الدَّاخِلَةِ فِيْ مَفْهُوْمِهِ، تَبَعًا عَلَى قِيَاسِ الْحَرْفِ:
فَإِنَّ مَعْنَاهُ: نِسْبَةٌ مَخْصُوْصَةٌ تَجْرِيْ فِيْهَا الِاسْتِعَارَةُ تَبَعًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّشْبِيْهِ لَمْ يُشْتَهَرْ بِمَعْنًى يَصْلُحُ أَنْ يُجْعَلَ وَجْهَ شَبَهٍ فِي الِاسْتِعَارَةِ.
(١) من الفعل والمشتقّات والحروف.
(٢) في ب، د: الرّضيّ. ت ٤٣٦ هـ. انظر: الأعلام ٤/ ٢٧٨.
(٣) لمّا أقف على القول في أمالي المرتضى، وكذا في رسائله.