٦ - وَالتَّهْوِيْلِ: كَقِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ (١) ﵄: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مَنْ فِرْعَوْنُ ..) (٢) [الدّخان: ٣٠ - ٣١]؛ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ: (مَنْ؟) بِفَتْحِ الْمِيْمِ وَرَفْعِ (فِرْعَوْنُ) عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَ(مَنْ) الِاسْتِفْهَامِيَّةُ خَبَرُهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرَّأْيَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِحَقِيْقَةِ الِاسْتِفْهَامِ فِيْهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ الْعَذَابَ بِالشِّدَّةِ وَالْفَظَاعَةِ زَادَهُمْ تَهْوِيْلًا بِقَوْلِهِ: (مَنْ فِرْعَوْنُ؟) أَيْ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ مَنْ هُوَ فِيْ فَرْطِ عُتُوِّهِ وَشِدَّةِ شَكِيْمَتِهِ؟ فَمَا ظَنُّكُمْ بِعَذَابٍ يَكُوْنُ الْمُعَذَّبُ بِهِ مِثْلَهُ؟ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الدّخان: ٣١]؛ زِيَادَةً لِتَعْرِيْفِ حَالِهِ، وَتَهْوِيْلِ عَذَابِهِ.
٧ - وَالِاسْتِبْعَادِ: نَحْوُ: ﴿أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى﴾ [الدّخان: ١٣] فَإِنَّهُ لَا يَجُوْزُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيْقَةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. بَلِ الْمُرَادُ اسْتِبْعَادُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُمُ الذِّكْرَى؛ بِقَرِيْنَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ [الدّخان: ١٣ - ١٤] أَيْ: كَيْفَ يَذَّكَّرُوْنَ وَيَتَّعِظُوْنَ وَيُوْفُوْنَ بِمَا وَعَدُوْهُ مِنَ الْإِيْمَانِ عِنْدَ كَشْفِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ، وَقَدْ جَاءَهُمْ مَّا هُوَ أَعْظَمُ وَأَدْخَلُ فِيْ وُجُوْبِ (٣) الِاذِّكَارِ مِنْ كَشْفِ الدُّخَانِ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ عَلَى يَدِ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ؛ مِنَ الْكِتَابِ الْمُعْجِزِ وَغَيْرِهِ، فَلَمْ يَتَذَكَّرُوْا، وَأَعْرَضُوْا عَنْهُ؟ !
* * *
٦٤ - وَالْأَمْرُ وَهْوَ طَلَبُ اسْتِعْلاءِ ... وَقَدْ لِأَنْوَاعٍ يَكُوْنُ جَاء
(١) حَبر الأمّة، ت ٦٨ هـ. انظر: الأعلام ٤/ ٩٥.
(٢) انظر: الكشّاف ٥/ ٤٧٢، والبحر المحيط ٩/ ٤٠٤. ورواية حفص: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ).
(٣) صل، ب، د، جز: (صواب)، تحريف.