89

Durar al-ʿuqud al-faridat fi taragim al-aʿyan al-mufidat

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

Genres

============================================================

الشناعات علي أبي البقاء، فاتفق الأميران بركة وبرقوق على إحضار البرهان من القدس، فأنفذا إليه وأخضراه، فكان لدخوله مشهد عظيم، وقاد الأمراء بغلته آخذين بلجامها وهم مشاة، وبين يديه من الخلق مالا يحصيهم إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى. فنزل بصهريج منجك تحت القلعة، وكان ذلك يوم الأربعاء، ثم استدعي من الغد يوم الخميس ثالث عشري شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين، فخلع عليه ونزل ومعه عظماء الدولة فكان يوما مشهوذا، فقال وهو بتشريف الولاية: كل من فارقناه على شيء فهو عليه، يشير بحسن تأت إلى عزل من استجده ابن أبي البقاء بعده، وعظمت في هذه الولاية منزلته، وقويت مهابته، واشتد على أهل الدولة، وعاملهم بمر الحق، فلم يجدوا بدا من الانقياد إليه، بحيث إنه كان يومئذ من أعظم الأمراء آق بغا الكوكائي يلي رتبة حاجب الحجاب، وهو منصب يلي رتبة نيابة السلطنة، فأقطع بلذا كانت من جملة ما حبس ووقف، فبعث إليه البرهان موقعين يعرفانه أن البلد وقف فاسأل السلطان عوضا منها، فأجابهما: هذا شيء ما أعرفه السلطان أعطاني هذا؛ فلما كان من الغد حضر البرهان الموكب بالقلعة، ودخل الكوكائي على عادته مع الأمراء فأعرض عنه البزهان، فجاء إليه وقال: يا مولانا قاضي القضاة، ما ذنبي؟ فرفع البرهان صوته، وكان صيتا وقال له: ثبت عندي فسقك، فإنك أخذت أرضا وقفا، وعرفتك أن تسأل الشلطان عوضها لترجع إلى من يستحقها فأجبت بما(1) لا يليق ففرق الكوكائي منه وقال: يا مولانا قاضي القضاة، أنا أستغفر الله . فلما انفض الموكب ركب الكوكائي إلى مجلس البرهان ومعه متشور إقطاعه، وناوله البرهان وقال: هذا إقطاعي بكماله يأخذه مولانا قاضي القضاة ويتصرف فيه كما يختار.

فقال له: يا أمير، هذا محال، الذي آريده قد عرفته. فلم يسع الكوكائي إلا ترك البلد لمستحقيها، إلى غير ذلك:.

(1) في ج: "إلى"، وما أثبتناه من خط المصنف، وهو الأحسن:

Page 89