Durar al-ʿuqūd al-farīda fī tarājim al-aʿyān al-mufīda
درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
Genres
============================================================
وسبع مثة، وقرأ في صغره القرآن الكريم وعدة كتب ما بين فقه وأصول وعربية، وبيان، وحديث. واشتغل على المجد إسماعيل البرماوي مدة، ثم لازم دروس شيخ الإسلام سراج الدين غمر البلقيني، والحافظ زين الدين عبدالرحيم العراقي، وسمع الحديث، وتخرج فمهر في الفقه والعربية وشارك في غيرهما، وتكسب بالجلوس في حانوت الشهود سنين فبرع في الوراقة. وصحب ناصر الدين محمد ابن الطبلاوي الوزير ثم الأمير يلبغا السالمي فتمكن منهما لبشاشة وجهه وبشره، وتملقه وتودده، وحسن صورته وجميل محاضرته، فتنبه حظه، وناب عني في الحسبة فحكم على بابي أيام ولايتي في سنة سبع وثماني مثة، ثم ناب في الحكم بجامع الصالح عن قاضي القضاة جلال الدين البلقيني عدة سنين فدرب القضاء دربة جيدة، وأثرى منه بعد قلة، واشتهر بحسن السياسة وفضل القضاء بين المتداعين إلى أن مات شيخ الشيوخ شمس الدين محمد بن أحمد بن محمد البيري في رابع عشري ذي الحجة سنة ثمان وعشرين وثماني مثة، فولي عوضه مشيخة خانكاه سعيد الشعداء، ودرس ايضا بخانكاه شيخو، ثم ولي قضاء القضاة بدمشق في أول جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين عوضا عن بهاء الدين محمد ابن نجم الدين عمر ابن حجي بغير مال ولا طلب، بل استدعاه الشلطان وعرض عليه ذلك فقبله وخلع عليه فتوجه إليها في تجمل حسن، وباشر أحسن مباشرة إلى أن صرف بالقاضي كمال الدين محمد ابن البارزي كاتب السر في أول شعبان سنة خمس وثلاثين، فأعيد إلى القاهرة وأعيدت إليه مشيخة سعيد السعداء وتدريس الشيخونية فأقام على ذلك إلى أن أخرج إلى القدس مدرس الصلاحية من أجل أنه لم يبذل من المال ما طلب منه، فلم يزل بالقدس حتى مات ليلة السبت سادس عشري ربيع الآخر سنة أربعين وثماني مثة فدفن بها؛ فنعم الرجل كان سياسة وصرامة ومعرفة وفضيلة.
رحمه الله:
Page 220