هذه هي عنصرية الروح، وكان الأولى أن أسميها عنصرية الفرد لو لم تكن النتيجة واحدة، وهي تلقي نورا جديدا على نظرية القديس أوغسطينوس، من أن الإنسان قادر على مقاومة النعمة؛ لأن الذي يدير هذه الغدد هو العصب العاطف
Nerf Sympatique ، والإرادة تسيطر على هذا العصب، وتستطيع بواسطته تحويل مجرى الدم والهضم والتغذية، وبالتالي تبديل الأخلاق، والتغلب على المزاج؛ فهي إذن لا تزال حرة، وهي إذن قادرة على المقاومة. روى ليون دوده أن طبيبا كان مصابا بالسل المعوي والإسهال، وكان مضطرا إلى العمل، فظل طوال ثلاث عشرة سنة يحارب داءه بقوة إرادته، فيمضي نهاره في زيارة المرضى وصعود السلالم متغلبا على إسهاله، حتى إذا أقبل المساء وانتهى من واجبات المهنة ألقى سلاحه وترك المقاومة وعادت علته إليه.
هذه العنصرية هي التي تخلق التفاضل في الأعمال والأدب وشرف النفس وبعد الهمم والصبر والتضحية والشجاعة، وتجعل من الناس أبطالا، وشهداء وأنصاف آلهة، وهي التي أنطقت شعراء العرب بالحكمة والفخر، فقال عامر بن الطفيل:
وإني وإن كنت ابن سيد عامر
وفارسها المشهور في كل موكب
فما سودتني عامر عن وراثة
أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكنني أحمي حماها وأتقي
أذاها وأرمي من رماها بمنكب
وقال غيره:
Unknown page