ولا أحسب عبرات السرور إلا شكرا محسوسا لنعمة الله، وحمدا ملموسا. والدموع في خدود الحسان من أملح المناظر؛ إذا كانت للفرح فبرقت في لألاء الوجه المشرق، رأيت الورد يجلو الندى في بهجة الصباح، وإذا كانت في الشجن، خلت النرجس يبكي في ظلال المساء.
ليس في الكون ما هو أفعل في القلوب من منظر العبرات، والرجل الذي لا تحركه العبرات مظلم الذهن راكد النفس، لا يصلح إلا للفساد والخيانة.
وقد أظن أن الرحمة لو تمثلت لما كانت إلا دمعة، قال الشاعر «توماس مور»:
بكت الفتاة على قبر حبيبها ونور القمر يتوسد فرش الثلج
فانطلقت دمعة حارة جمدها الهواء القارس
ولبثت طول الليل حتى برق الصباح فبرقت في شعاعه
وكان أحد الملائكة قد فارق فلكه يرفرف على عظام الموتى
فأبصر تلك الدمعة الجامدة
فحملها إلى «الرحمة» ذات العين الندية
وجعلها حلية لتاجها وزينة سنية.
Unknown page