84

Dr. Ali Gomaa: To Where

الدكتور علي جمعة إلى أين

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Genres

جل وعلا عنهم في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (١). * وأكمل د. علي جمعة قائلًا: "والشبهة تجيز إيقاف الحد، كما صنع عمر بن الخطاب ﵁ في عام الرمادة؛ حيث عمت الشبهة بحيث فُقد الشرط الشرعي لإقامة الحد". إن الشبهة التي تدرأ الحد هي الشبهة التي اعتبرها الشرع، وليست الشبهة تلاعبًا عقليًا يسوغ الاحتمالات ويوجد المبررات، بل هي أمور تلتبس فعلًا بالموقف، وتتداخل في تفاصيله، وتؤثر في مجريات الأمور. ودرء الحد بالشبهة ليس تبديلًا للشرع كما هو حال الظلمة الفجرة، بل هو تحر وتبين وتقصي. ثم إن الشبهات تلتبس بالوقائع لا التشريع، بمعنى أن الشبهة تمنع من استحقاق هذا المذنب لهذا الحد، لا أنها تمنع الحدود، وتسوغ الجرائم، وتشجع المنكر، كما هو حال القوانين الكفرية. ثم ما تفاصيل الشبهات التي تنفي وجوب إقامة الحدود المتنوعة على عموم المجرمين؟ أم أن المراد استغلال كلمة الشبهات لتعطيل الحدود جملة وتفصيلًا. أما محاولة التمسح بما يروى عن عمر بن الخطاب ﵁، فالمراد التغبيش به لا حقيقة الاستدلال؛ لأن عمر ﵁ لم يلغ حدًا ولم يوقفه، وإنما لم تتوفر شروط إقامة الحد فدرأ الحد بالشبهة لمن توفرت فيه الشبهة، لا أنه ألغى الحدود جملة وتفصيلًا، وفتح الباب للزنادقة يسخرون من الحدود، ويصفونها بأبشع الصفات، ويستهزئون من الدعاة إلى تطبيقها،

(١) سورة آل عمران، الآية ١٥٦.

1 / 87