Durūs al-Shaykh Ḥasan Abūʾl-Ashbāl
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
Genres
الدلائل على وجوب تحطيم الأصنام والصور ومحوها
ماذا يفعل هؤلاء المؤمنون إذا سمعوا ما أخرجه مسلم من حديث أبي الهياج الأسدي أنه قال: قال لي علي بن أبي طالب ﵁: (يا أبا الهياج! ألا أبعثك على ما بعثني عليه النبي ﵊: ألا تدع قبرًا مشرفًا -أي: عاليًا- إلا سويته) أي: جعلته أعلى من الأرض بشبر فقط.
ومنهم من قال: بل يسوى بالأرض تمامًا، ويجعل على رأس الأرض حجرًا؛ ليعلم المار أن هذا قبر فلا يطؤه.
قال: (وألا تدع صنمًا إلا كسرته).
وفي رواية: (إلا لطخته).
وفي رواية عند أحمد أن علي بن أبي طالب ﵁ قال: (بعثني ﵊ على ألا أدع قبرًا عاليًا إلا سويته، ولا صنمًا إلا كسرته).
وفي رواية: (إلا لطخته).
وهذا محمول على أنه إذا كان يمكن كسره يكسر، وإن لم يمكن كسره تزال معالمه بالتلطيخ بالطين والدخان وغير ذلك.
والله تعالى أعلم.
وعند مسلم في فتح مكة: (أن النبي ﷺ أقبل على الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت.
قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه من دون الله ﷿، وفي يد رسول الله ﵊ قوس وهو آخذ بثنية القوس - أي: بمعطوفته - فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه، ويتلو قول الله ﷿: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء:٨١]، فلما فرغ من طوافه أتى على الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه، فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء الله له أن يدعو).
وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود ﵁: (أن النبي ﷺ دخل مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء:٨١]).
وكان يقول كذلك: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ [سبأ:٤٩].
قال النووي عليه رحمة الله: هذا الفعل فيه إذلال للأصنام ولعابديها، وإشهار لكونها لا تضر ولا تنفع، ولا تدفع عن نفسها.
وتذكرون ما فعل الفتى إبراهيم ﵇ بالأصنام حين كسرها إلا كبيرًا لهم لعلهم إليه يرجعون فيسألونه، وأخزاهم الله ورجعوا إلى أنفسهم ليلفتوا أمرهم؛ لعلمهم أن هؤلاء آلهة مزعومة لا تنفع ولا تضر، وهذه القصة في سورة الأنبياء وغيرها من السور.
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ﴾ [الحج:٧٣].
إذا أخذت الذبابة -وهي أحقر المخلوقات- شيئًا من هذا الإله المزعوم لا يستطيع أن يحصلها منها! أخرج أحمد عن أبي بن كعب بسند صحيح: (أنه تلا قول الله ﷿: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء:١١٧] قال: مع كل صنم جنية).
فإن الذي يعبد الصنم إنما يعبد الجنية على الحقيقة.
وعند أبي داود (أن امرأة قالت: يا رسول الله! إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا.
فقال النبي ﵊: أفيه صنم؟ قالت: لا يا رسول الله! قال: أفيه وثن؟ قالت: لا يا رسول الله! قال: أوف بنذرك).
و(جاء رجل وقال: يا رسول الله! إني نذرت أن أذبح كذا وكذا في مكان كذا وكذا، فقال ﵊: أبه صنم يعبد؟ قال: لا، قال: أفيه عيد من أعياد أهل الجاهلية؟ قال: لا يا رسول الله! قال: أوف بنذرك، فإنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم).
كل هذا حفاظًا على جناب التوحيد، ونبذ الشرك وأهله.
وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم عيسى بن مريم حكمًا مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد).
قال الإمام البخاري مبوبًا هذا الحديث بباب إذا كسر الصليب وقتل الخنزير وأراق الخمر وحطم الصلبان فلا ضمان عليهم؛ لأن هذه الأشياء غير متقومة، أي: لا قيمة لها في الإسلام، فمن أهدرها وكسرها بشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه لا يضمنها، ولا يكلف كذلك بإصلاحها.
ومن حديث ابن عباس عند البخاري: (أن النبي ﷺ لما قدم مكة قبل أن يدخل البيت وفيه آلهة، فأمر بها فأخرجت، فأخرج منها ما كان يمكن إخراجه، فأخرج بإبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام -وهي: السهام التي كان يستقسم بها في الخير والشر- فقال النبي ﵊: قاتلهم الله! -أي: هؤلاء الذين فعلوا ذلك بإبراهيم وإسماعيل- قاتلهم الله! لقد عل
12 / 7