Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal

Hassan Abu Al-Ashbal Al-Zuhairi d. Unknown
128

Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal

دروس الشيخ حسن أبو الأشبال

Genres

الرد على ما جاء في كتاب (عمر أمة الإسلام) السؤال ما رأيكم فيما جاء في كتاب عمر أمة الإسلام؟ الجواب في الحقيقة أنا رديت عليه من قبل في محاضرتين طويلتين، والكتاب على أية حال فيه خير، وهو في الحقيقة أشبه بكتب أهل الكتاب، وأنا لا أنصح طلاب العلم ولا عامة الناس بقراءة هذا الكتاب أبدًا، بل أحذرهم منه؛ لأن الكتاب تعرض لمسألة غيبية استأثر الله ﵎ بعلمها، وخاض المصنف خوضًا لا يليق بمسلم، فذهب مذهبًا غير مرضي في حساب عمر الدنيا، وذهب مذهبًا ملتويًا ظنًا منه أن أحدًا لن يستطيع أن يكتشف لعبته، وقرب ظهور المهدي ﵇، فإذا قلنا: إنك تكلمت عن وقت الساعة، قال: لا أنا أتكلم عن عمر الأمة، وهذا يستلزم أمران: إما أن يكون متكلمًا عن عمر الدنيا وأنها ستفنى بعد ألف وخمسمائة عام كما قد حدد، أي: بعد سبعين سنة؛ لأنه -على حاسبه- قد مر ألف وأربعمائة وثلاثين سنة هجرية، كأنه أراد أن يقول: هذا عمر الأمة لا عمر الدنيا، قلنا له: ما الفرق بين عمر الدنيا وعمر الأمة؛ لأننا نوقن أن هذه الأمة هي آخر الأمم، فإذا فني عمرها، وانتهى أجلها المؤجل لها عند الله والذي لا يعلمه إلا الله، لابد أن تقوم الساعة مباشرة، فإذا قلنا: فناء الأمة بعد سبعين سنة يلزم من ذلك أن تقول بقيام الساعة، وإذا قال: إنني لا أقول بقيام الساعة، وإنما أتكلم عن أشراط هذه الأمة وفناء هذه الأمة، قلنا له: يلزم من قولك بأن هناك أمة بعد فناء هذه الأمة ستنشأ وتوجد، وبالتالي يلزمك أن تحكم عليهم بأنهم من أهل الفترة وأن الله ﵎ لا يعذبهم، فكيف تقوم عليهم الساعة؟ مع أن النبي ﷺ أخبرنا: (أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق)، فإما أن تقول بوجود أمة بعد هذه الأمة التي تقوم عليها الساعة، وهذا كلام باطل؛ لأن هذه الأمة آخر الأمم وخير الأمم، وإما أن تنسحب من كلامك، والأمر الذي ذهب إليه أنه احتج بأحاديث في الصحيحين، وليست الحجة في الدليل الذي احتج به إنما الحجة فيمن وافقه على هذا الفهم، كما يقول الشاعر: وكل يدعي وصلًا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا وهذا هو بيت القصيد، فلو أن أحدًا احتج بحديث أو بآية لا بد أن يوافق فهمه لهذه الآية ولهذا الحديث فهم السلف، فإن وافق كان على الحق، وإن خالف كان على الباطل، فإننا نسحب هذا الكلام وهذه القاعدة على فهم المصنف في كتابه: (عمر الأمة) على الأدلة التي ساقها من البخاري ومسلم، فإن حديث عبد الله بن عمر وحديث أبي موسى الأشعري في تحديد وقت العصر قد احتج بها البخاري في باب المواقيت تارة، وفي باب الإجارة تارة أخرى، فأين الكلام عن الساعة وأشراطها، وفناء الأمة من كتاب مواقيت الصلاة؟ والحديث إنما أورده الإمام البخاري في باب مواقيت الصلاة ليثبت أن وقت العصر حين أن يكون الظل ضعف المثل، وأنه ينتهي بدخول المغرب، وكذلك أورده في باب الإجارة؛ ليدل على أنك لو استأجرت أجيرًا وقلت له: تعمل عندي اليوم وأعطيك دينارًا، وإن لم تتفقا على تحديد الساعة التي ينتهي عندها العمل، فيكون معلومًا سلفًا أن العمل ينتهي في المغرب؛ لأن اللغة تفرق بين ما يسمى باليوم والليلة، فاليوم هو النهار والليلة هي الليل، فلو أنك استأجرت أجيرًا وقلت له: تعمل عندي طوال النهار وأعطيك كذا فلا يجوز له أن يأتي الظهر ويقول: قد فرغت من العمل، أو انتهى ما اتفقنا عليه؛ لأنكما قد اتفقتما على العمل في النهار فلا ينتهي إلا بدخول المغرب. الشاهد من هذا: أن الأحاديث التي احتج بها المصنف قد استنبط منها أهل العلم تسعة استنباطات، وأولوها على تسعة أوجه وأنحاء، ثمانية منها مرضية ليس فيها طعون، أما التاسع وهو اعتبار العدد الحسابي في قيام الساعة ففيه طعن ورد، والعدد الحسابي من فهم اليهود والنصارى لا من فهم المسلمين، ولكن زلة قدم الإمام الكبير محمد بن جرير الطبري -عليه رحمة الله- في اعتبار هذا العدد، وصنف رسالة أو تكلم بكلام طويل في مقدمة كتاب: (التاريخ) في إثبات عمر أمة الإسلام، وأنها لا تتعدى الألف عام، وقد أثبت الواقع والزمن، وقد أخطأ الطبري في تقديره؛ لأن الأمة تعدت ما حدده الإمام الطبري بأربعمائة وثلاثين سنة وزيادة، فأتى من بعده السهيلي ونحا نحوًا من نحوه، وقد أثبت الواقع كذلك خطأ الإمام السهيلي، فأتى الإمام السيوطي -عليه رحمة الله- وصنف رسالة سماها: (الكشف أن هذه الأمة لا تتجاوز الألف)، وقال: ولا بأس أن الله ﷿ يمنحها من عنده نصف يوم، كما في حديث سعد بن أبي وقاص عن أبي داود وغيره أن النبي ﵊ قال: (وإني لأرجو الله ألا يعجز هذه الأمة من نصف يوم)، ونصف يوم بخمسمائة عام. إذًا: خمسمائة عام تضاف إلى الألف سنة فتصبح ألف وخمسمائة عام، مر منها ألف وأربعمائة وثلاثون، و

8 / 17