فصل في نقض تعيير الملحد بسكنى بلاد مسيلمة
...
فصل
وأما تعييره أهل الإسلام بأن بلادهم بلاد مسيلمة الكذاب.
فالجواب أن نقول: سبحان الله، ما أعظم شأنه، وأعز سلطانه، فإنه لا يعير بهذا الكلام إلا أشباه الأنعام، فإن سكنى الدار لا تؤثر، فإن الصحابة سكنوا مصر وبلاد الفرس وفضلهم لا يزال في مزيد، وإيمانهم قهر أهل الشرك والتنديد، وعادت تلك البقاع والأماكن من أفضل مساكن أهل التوحيد.
وقد روى الطبراني من حديث عبد الله بن عمر ﵁ أن النبي ﷺ قال: "دخل إبليس العراق فقضى فيها حاجته، ثم دخل الشام فطردوه، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ وبسط عليها عبقريه" ١، ولا يقول مسلم بذم علماء العراق لما ورد فيها.
_________
١ أخرجه أبو الفتح الأزدي –كما في تنزيه الشريعة – ٢/٥٠، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات ٢/٥٨ عن أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب قال: حدثنا عمي عبد الله قال أخبرني يحيى بن أيوب وابن لهيعة عن عقيل ابن شهاب عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال ... فذكر الحديث.
وأحمد بن عبد الرحمن فيه ضعف، بل قد تعقب الذهبي الحاكم عندما صحح حديثًا من طريقه فقال: أحمد منكر الحديث وهو ممن نقم على مسلم إخراجه في الصحيح (المستدرك٣/٩٧) اهـ.
قلت: وقد تابعه حرملة بن يحيى عن ابن وهب –كما عند الطبراني في الكبير ١٢/٣٤٠ وابن عساكر- كما في تنزيه الشريعة لابن عراق- ٢/٥١، وحرملة صدوق من أعلم الناس بابن وهب كما قال الدوري وابن يونس والعقيلي. انظر التهذيب ٢/٢٣٠.
ويحيى بن أيوب هو الغافقي قال الحافظ ابن حجر في التقريب: صدوق ربما أخطأ اهـ. وهذا أعدل الأقوال فيه وأما قرينه ابن لهيعة فالكلام فيه مشهور ورواية ابن وهب عنه أجود من غيرها، لا سيما وقد توبع.
1 / 44