شيئًا من كرامات الصالحين الذين كانوا يدعونهم ويستغيثون بهم، ويلجئون إليهم في المهمات، فكان ينهى عن ذلك ويزجر، ويورد الأدلة من الكتاب والسنة ويحذر، ويخبر أن محبة الأولياء والصالحين إنما هي متابعتهم فيما كانوا عليه من الهدى والدين، وتكثير أجورهم بمتابعتهم على ما جاء به سيد المرسلين، وأما دعوى المحبة والمودة والمخالفة في السنة والطريقة فهي دعوى مردودة غير مسلمة عند أهل النظر والحقيقة.
ولم يزل على ذلك ﵀، ثم رجع إلى وطنه، فوجد والده قد انتقل إلى بلدة حريملاء١، فاستقر فيها يدعو٢ إلى السنة المحمدية، ويبديها ويناصح من خرج عنها ويفشيها، حتى رفع الله شأنه، ورفع ذكره، ووضع له القبول، وشهد له بالفضل ذووه من المعقول والمنقول، وصنف كتابه المشهور في التوحيد، وأعلن بالدعوة إلى الله العزيز الحميد، وقرئ عليه هذا الكتاب المفيد، وسمعه كثير ممن لدية من طالب ومستفيد، وشاعت نسخه في البلاد، وطار ذكره في الغور٣ والأنجاد، وفاز بصحبته واستفاد من جرد القصد
_________
١ في النسخ "حريملا" والمثبت هو الأشهر. ينظر معجم اليمامة ١/٣١٧.
٢ في الأصل: "يدعوا".
٣ غور كل شيء: قعره. يقال: فلان بعيد الغور. ولعل المراد هنا: غور تهامة: وهي ما بين ذات عرق والبحر، وقيل تهامة وما يلي اليمن. أو المراد بالغور ما انخفض من الأرض. قال الأعشى:
نبي يرى ما لا ترون وذكره ... أغار لعمري في البلاد وأنجدا
(ينظر اللسان ٥/٣٣١٢ ط المعارف بمصر) يعني في كل محل.
1 / 19