قد خلعت الكرى على العشاق عادت ركائبي إلى مثل ما ترى لأنك خلعت ما لا تملكه على من لا يقبل فاستحيا الشريف منه وكان الشيخ صدر الدين بن الوكيل رحمه الله تعالى يقول والله قول المطرز عندي أحسن من قول الشريف وقال أبو البشر المظفر الأعمى دخلت على الملك الكامل فقال لي أجز هذا النصف قد بلغ العشق منتهاه.
فقلت وما درى العاشقون ما هو
فقال وإنما غرهم دخولي
فقلت فيه فهاموا به وتاهو
فقال ولي حبيب يرى هواني
فقلت وماتغيرت عن هواه
فقال رياضة النفس في احتمالي
فقلت وروضة الحسن في حلاه
فقال أسمر لدن القوام ألمى
فقلت يعشقه كل من يراه
فقال ريقته كلها مدام
فقلت ختامها المسك من لماه
فقال ليلته كلها رقاد
فقلت وليلتي كلها انتباه
ثم أن مظفر الدين أكملها مدحًا في السلطان الملك الكامل تغمده الله برحمته ومنه وكرمه.
الباب الثاني عشر
؟ قلة عقل العذول
وما عنده من كثرة الفضول
أقول هذا باب عقدناه لذكر من أكثر القيل والقال من العذال واستحق بامساك لحيته عند عذله نتف السبال وكيف لا وهو لكثرة فضوله وقلة محصوله يدخل الروح والجسد والوالد والولدج طالما أصبح بين المحبين قفا بين صفاعين لا يفتح له باب ولا يرد عليه جواب.
وأتعب من ناداك من لا تجيبه ... وأغيظ من عاداك من لا تشاكل
وما التيه خلقي في الهوى غير أنني ... بغيض إلي الجاهل المتعاقل
فليته استراح وأراح وصان عرضه المباح فقد أكثرت الشعراء في الرد عليه واعتذرت المحبون ل إليه كما قيل:
يا عاذلي في هواه ... إذا بدا كيف أسلو
يمر بي كل وقت ... وكلما مر يحلو
وكان يقال ليس من العدل سرة ... العذل وكان يقال رب ملوم
لا ذنب له وكان يقال ... لعل لها عذرًا وأنت تلوم
فكم عاذل زاد المحب بعذله لجاجة ... وجنونًا أكثر من الحاجة
لأبدلن هوى بلوم أنه ... كالريح يغري الناس بالأحراق
وقال آخر:
وماعذولي ناهيًا عنكم ... لكنه بالصبر أمار
قال اسلهم إن لم تطق هجرهم ... قلت النار ولا العار
وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة:
يا من إذا باعت الأبصار أسودها ... بحبة فوق خديه فقد ربحت
يزيدني العذل تبريحًا ألذ به ... فليت عذال قلبي فيك لا برحت
وما أحسن قول بلدينا محمد بن العفيف التلمساني:
أسرفت في اللوم ولم تقتصر ... وزدت في لومك يا ذا العذول
قد رضيت نفسي بمحبوبها ... وإنما المولى كثير الفضول
وقال والده وأحسن ما شاء.
ولي على عاذلي حقوق هوى ... شكري عليه ببعضها يجيب
لام فلما رآه هام به ... فكنت في عشقه أنا السبب
وقال آخر:
قد اجتهد اللاحي وجاء يلومني ... وزخرف لي زور الكلام بمينه
وقال أسل عن هذا وعد عن غرامه ... فقلت له هذا الفضول بعينه
وحكى ابن وكيع أنه كان يهوى غلامًا نصرانيًا بتنيس فلامه بعض أصحابه عليه ولم يكن رآه فاتفق أن الغلام مر بهما فلما رآه صاحب ابن وكيع استحسنه وقال لو عشقت هذا ما لمتك ولم يعلم أنه محبوبه الذي لامه عليه فقال ابن وكيع في الحال:
أبصره عاذلي عليه ... ولم يكن قلبها رآه
فقال لو عشقت هذا ... ما لامك الناس في هواه
قل لي إلى من عدلت عنه ... فليس أهل الهوى سواه
فظل من حيث ليس يدري ... يأمر بالحب من نهاه
وقال شيخ الشيوخ بحماة:
زعموا أني هويت سواكم ... كذبوا ما عرفت إلا هواكم
قد علمتم بصدق مرسل دمعي ... فسلوه إن كان قلبي سلاكم
قال لي عذلي متى تبصر الرشد ... وتسلو فقلت يوم عماكم
وقال أيضًا:
أن قومًا يلحون في حب سعدى ... لا يكادون يفقهون حديثا
1 / 47